responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 111

إسم الكتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء ( عدد الصفحات : 438)


واعلم أنّ القلب المشحون بالغضب والشره إلى الدّنيا والتكالب عليها والحرص على التمزيق لأعراض الناس كلب في المعنى وقلب في الصورة ، ونور البصيرة يلاحظ المعاني دون الصور والصور في هذا العالم غالبة على المعاني والمعاني باطنة فيها وفي الآخرة تتبع الصور المعاني وتغلب المعاني فلذلك يحشر كلّ شخص على صورته المعنويّة ، فيحشر الممزّق لأعراض الناس كلبا ضاريا ، والشره إلى أموالهم ذئبا عاديا ، والمتكبّر عليهم في صورة نمر ، وطالب الرئاسة في صورة أسد ، وقد وردت بذلك الأخبار وشهد به الاعتبار عند ذوي البصائر والأبصار .
فإن قلت : كم من طالب رديّ الأخلاق حصّل العلوم . فهيهات ما أبعدك عن العلم الحقيقي النافع في الآخرة الجالب للسعادة فإنّ من أوائل ذلك العلم أن يظهر له أنّ المعاصي سموم مهلكة وهل رأيت من يتناول شيئا مع علمه بكونه سمّا إنّما الَّذي تسمعه من المترسّمين حديث يلعقونه بألسنتهم مرّة ويردّ دونه بقلوبهم أخرى وليس ذلك من العلم في شيء ، قال ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - : ليس العلم بكثرة الرواية إنّما العلم نور يقذف في القلوب » .
أقول : وقد ورد عن أئمّتنا عليهم السّلام مثل ذلك . قال أبو حامد : « وقال بعضهم : إنّ العلم الخشية قال اللَّه عزّ وجلّ : « إنّما يخشى الله من عباده العلماء » [1] وكأنّ هذا إشارة إلى أخصّ ثمرات العلم ولذلك قال بعض المحقّقين : معنى قولهم : تعلَّمنا العلم لغير اللَّه فأبى العلم أن يكون إلا للَّه . أنّ العلم أبى وامتنع علينا فلم ينكشف لنا حقيقته وإنّما حصل لنا حديثه وألفاظه .
فإن قلت : إنّي أري جماعة من الفقهاء المحقّقين برزوا في الأصول والفروع وعدّ ومن جملة الفحول وأخلاقهم ذميمة لم يتطهّروا منها ، فيقال : إذا عرفت مراتب العلوم وعرفت علم الآخرة استبان لك أنّ ما اشتغلوا به قليل الغناء من حيث كونه علما وإنّما غناؤه من حيث كونه عملا للَّه تعالى إذا قصد به التقرّب إلى اللَّه سبحانه ، وقد سبق إلى هذا إشارة وسيأتيك فيه مزيد بيان وإيضاح .



[1] الفاطر : 28 .

111

نام کتاب : المحجة البيضاء في تهذيب الأحياء نویسنده : الفيض الكاشاني    جلد : 1  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست