responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبدأ والمعاد نویسنده : صدر الدين محمد الشيرازي    جلد : 1  صفحه : 586


من تدبير خلقه لا إسرارا ولا إعلانا لا يضمرون لأحد من الخلق سوءا ولا معاداة والحدس يحكم بأن هؤلاء أهل الجنة كما وصفهم الله تعالى وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً .
والغرض من ذكر هذا الكلام هاهنا أن من أشكل عليه تحقق العلاقة والمناسبة الذاتية بين الأمر الذي يسمى بالذنب والمعصية في عالمنا هذا وبين الاحتراق بالنار والتعذيب بالجحيم والزقوم وتصلية جحيم وكذا بين المسمى بالطاعة والعبادة وبين الجنة والرضوان والتنعم بالفواكه والحور والغلمان وسائر الموذيات الجحيم وملذات الجنة والنعيم .
فليعلم أن هذه الأفعال المحمودة التي هي الطاعات إنما يراد لأجل اكتساب الأخلاق الحسنة وكذلك الأفعال المذمومة إنما يترك لأجل أنها ينجر إلى الأخلاق السيئة .
فالغرض من الأعمال أفعالا كانت أو تروكا إنما هو تحسين الأخلاق والملكات وتبديل السيئات بحسنات بتوفيق من الله تعالى وتأييد منه كما قال في حق الخلص من عباده :
فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ الله ُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ .
وكما أن في الدنيا كل صفة يغلب على باطن الإنسان ويستولي على نفسه بحيث يصير ملكة لها يوجب صدور أفعال منه مناسبة لها بسهولة يصعب عليه صدور أفعال أضدادها غاية الصعوبة وربما بلغ ضرب من القسم الأول حد اللزوم وضرب من الثاني حد الامتناع لأجل رسوخ تلك الصفة .
لكن لما كان هذا العالم دار الاكتساب والتحصيل قلما يصل الأفعال المنسوبة إلى الإنسان الموسومة بكونها بالاختيار في شيء من طرفيها حد اللزوم والامتناع بالقياس إلى قدرة الإنسان وإرادته دون الدواعي والصوارف الخارجية لكون النفس متعلقة بمادة بدنية قابلة للانفعالات والانقلابات من حالة إلى حالة .
فالشقي ربما يصير بالاكتساب سعيدا وبالعكس بخلاف الآخرة فإنها ليست دار الاكتساب والتحصيل كما أشير إليه بقوله تعالى لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها

586

نام کتاب : المبدأ والمعاد نویسنده : صدر الدين محمد الشيرازي    جلد : 1  صفحه : 586
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست