جمادية ناقصة المراتب بحسب اختلافها الدنية وعاداتها الردية فليس مخالفا للتحقيق بل هو أمر محقق عند أئمة الكشف والشهود ثابت عند أهل الحق من أرباب الشرائع والملل . ويدل عليه ظواهر النصوص من الكتاب والسنة كما في قوله تعالى : وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْه ِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ . وقوله تعالى : وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أي مسخهم إليها . وقوله تعالى : فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ يعني بعد المفارقة البدنية وقوله تعالى : وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ أي على صورة الحيوانات المنتكسة الرؤس وقوله تعالى : قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا وقوله تعالى : تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني أن صورة الكلب مثلا ولسانه أي صوته الذي هو بواسطة لسانه يشهد بعمله الذي هو الشر وكذا غيره من الحيوانات الهالكة تشهد عليها أعضاؤها بالأفعال السيئة إلى غير ذلك من آيات النسخ . وأما ما وقع في الحديث فكقوله : يحشر الناس يوم القيامة على وجوه مختلفة . أي صور مناسبة النفسانية المختلفة وكقوله : كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون . وروى أيضا : يحشر بعض الناس على صور يحسن عندها القردة والخنازير . وروى أيضا عن النبي ص ما معناه : أنه يحشر من خالف الإمام في أفعال الصلاة ورأسه رأس حمار فإنه إذا عاش في المخالفة التي هي عين البلاهة والحمارية تمكنت فيه ولتمكن البلادة فيه يحشر على صورة الحمار . إلى غير ذلك من الأسرار الإلهية والرموز النبوية الدالة على نبوة النقل على هذا الوجه في الآخرة .