responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبدأ والمعاد نویسنده : صدر الدين محمد الشيرازي    جلد : 1  صفحه : 315


جاءت من أي ناحية فتحتاج إلى أن تطوف كثيرا من الجوانب فربما تعثر على الغذاء الذي شممت ريحه وربما لم تعثر فتكون في غاية النقصان لو لم يخلق لك البصر لتدرك به ما بعد عنك وتدرك جهته فتقصد تلك الجهة بعينها ألا إنه لو لم يخلق لك إلا هذا لكنت ناقصا إذ لا تدرك بهذا ما انحجب وراء الجدار فتبصر غذاء ليس بينك وبينه حجاب ويتصور عدوا لا حجاب بينك وبينه وقد لا ينكشف الحجاب إلا حين قرب العدو فتعجز عن الهرب فخلق لك السمع حتى تدرك به الأصوات من وراء الجدران عند جريان الحركات .
ولأنك لا تبصر ولا تدرك بالبصر إلا شيئا حاضرا وأما الغائب فلا يمكنك معرفته إلا بكلام تدرك بحس السمع فاشتدت إليه حاجتك فخلق لك ذلك . وميزت بفهم الكلام عن سائر الحيوانات .
وكل ذلك ما كان يغنيك لو لم يكن لك حس الذوق إذ يصل إليك الغذاء فلا تدرك أنه موافق أو مخالف فتأكله فتهلك كالشجر يصيب في أصلها كل مائع ولا ذوق لها فتجذبه وربما يكون ذلك سبب جفافها .
ثم جميع ذلك لا يكفي في الاستكمال ولا يتم به الحياة الإنسانية لو لم يكن في مقدم دماغك إدراك آخر يسمى بالحس المشترك يتأدى إليه المحسوسات الخمسة ويجتمع فيه ولولاه لطال الأمر عليك في معرفة الأشياء المحسوسة وحفظها عندك .
وهذا كله يشترك فيها الحيوانات فلو لم يكن للإنسان إلا هذا لكان ناقصا لعدم إدراكه عواقب الأمور .
فميزك الله وأكرمك إعظاما وتشريفا بصفة أخرى هي أشرف من الكل وهو العقل فبه تدرك مضرة الضار ومنفعة النافع وما يضر في المال وإن كان نافعا في الحال .
هذا أنموذج في بيان ترتيب ما أودع الله فيك وأنعمه عليك في باب الإدراك ونظم الأمور الإدراكية فيك من القوى الإحساسية والتخيلية والعقلية التي هي في الحقيقة طائفة من ملائكة الله تعالى المسخرة لانتظام أمرك بحسب الإدراك .

315

نام کتاب : المبدأ والمعاد نویسنده : صدر الدين محمد الشيرازي    جلد : 1  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست