أشخاص النوع وبعد ذلك يكون الباقي صورة غير مختلفة بل لبا خالصا صافيا سائغا نيله للعقل الإنساني . ولما كان البدن مثالا للنفس واللبن غذاء لطيفا سائغا شرابه للبدن فيكون نسبته للبدن نسبة العلم إلى النفس ففي التعبير يعبر به عن العلم . ومن هذا القبيل ما نقل أن رجلا جاء إلى ابن سيرين وقال : رأيت كأن في يدي خاتم أختم به أفواه الرجال وفروج النساء . فقال : إنك مؤذن تؤذن في شهر رمضان قبل الفجر . فقال : صدقت . وجاء آخر فقال : كأني أصب الزيت في زيتون . فقال إن كان تحتك جارية اشتريتها ففتش عن حالها فإنها أمك لأن الزيتون أصل الزيت فهو رد إلى الأصل . فنظر فإذن جاريته كانت أمه وقد سبيت في صغره . وقال آخر له كأني أغلق الدر في أعناق الخنازير . فقال إنك تعلم الحكمة غير أهلها وكان كما قال . فالتعبير من أوله إلى آخره مثال يعرفك طريق ضرب الأمثال وليس للأنبياء ع أن يتكلموا مع الخلق إلا بضرب الأمثال لأنهم كلفوا أن يتكلموا الناس على قدر عقولهم . وكما أن عقول الخلق مثال للعقول العالية في الحقيقة فكذا ما يخاطب بهم ينبغي أن يكون أمثلة للمعارف الحقيقية . وقدر عقولهم أنهم في النوم والنائم لا يكشف له شيء إلا بمثل فإذا ماتوا انتبهوا وعرفوا أن المثل صادق . وإنما يعني بالمثل أداء المعنى في صورة إن نظر إلى معناه وجد صادقا وإن نظر إلى صورته وجد كاذبا . وربما يبدل المتخيلة الأشياء المرئية في النوم بما يشابهها ويناسبها مناسبة ما أو ما يضادها . كما من رأى أنه ولد له ابن فتولد له بنت وبالعكس . وهذا الرؤيا يحتاج إلى مزيد تصرف في تعبيره . وربما لم يكن انتقالات المتخيلة مضبوطة بنوع مخصوص فانشعبت وجوه التعبير فصار مختلفا بالأشخاص والأحوال والصناعات وفصول السنة وصحة النائم ومرضه . وصاحب التعبير لا ينال إلا بضرب من الحدس ويغلط فيه كثيرا للالتباس . لمعة قد مر أن لكل معنى عقلي صورة حقيقية وصورة غير حقيقية ومن هذا الجهة يختلف حكم التعبير في رؤية كل صورة ويحتاج إلى قرينة من أحوال الرائي أنه إن