مصادمات فكرية حادّة بين أتباعها ، بل كانت في بعض الأحيان سبباً لوقوع مصادمات دموية بين الفلاسفة والعرفاء من جهة وبين المتكلّمين والفقهاء من جهة أخرى . وخير شاهد على ذلك ما نجده واضحاً في كتابَي « مقاصد الفلاسفة » و « تهافت الفلاسفة » للغزالي ، وكتاب « تهافت التهافت » لابن رشد ، وكذلك ما ينقله لنا التاريخ من الإعدامات التي أودت بحياة بعض العرفاء الذين جاهروا بعقائدهم ، إثر اتهامهم بالكفر والزندقة والحلول والاتّحاد من قبل خصومهم الفقهاء والمتكلّمين ، فهذا هو شيخ الإشراق السهروردي قد قتل ظلماً وزوراً بسبب التماس عدة من الذين خالفوه في آرائه الجديدة التي بشّر بها . هذه هي النظريات الفلسفية والعقائدية التي كانت قائمة بين علماء المسلمين ، وقد انطلقت مبادرات عديدة لجمع هذه الأصول والقواعد ضمن منظومة فلسفية واحدة توفّق بين مكاشفات العارف والقواعد والأصول التي يقولها الفيلسوف من جهة ، وبين ظواهر الشريعة التي يتّكئ عليها المتكلّم والمحدّث من جهة أخرى ، وهذه هي مقولة الجمع ما بين العرفان والبرهان والقرآن . وربّما كان أوّل من تنبّه إلى ذلك وحاول أن يجعل الأبحاث الفلسفية قائمة على أساس التوفيق ما بين العقل والكشف والشرع هو أبو نصر الفارابي كما يذهب لذلك الطباطبائي [1] ، ثمّ جاء بعده دور ابن سينا في مقامات العارفين من الإشارات ، لتنضج الفكرة أكثر على يد شيخ الإشراق السهروردي الذي أشرنا إلى المنهج الذي اتّبعه في مدرسته ، ثمّ ظهرت بعده في كلمات شمس الدين تركة والمحقّق الطوسي شارح الإشارات .
[1] مجموعة مقالات ، الطباطبائي ، مصدر سابق : ج 2 ص 6 .