القائل بالإضافة الذي ينكر الوجود الذهني ويعتقد أنّ العلم عبارة عن إضافة ونسبة من النفس إلى المعلوم الخارجي ، فلا دليل على أنّ ماهيّات الأشياء ترتسم وتأتي بكنهها في الذهن ، وإنّما ترتسم بصورها الحاكية عنها وإن اختلفت عنها في حدود وجودها . وقد ذكرنا في التنبيه السابق بأنّه لا يوجد بين المفاهيم الماهويّة في الذهن وبين الماهيّات في الخارج إلاّ المثليّة والتماثل في الحدّ المنطقي ، وأمّا بحسب الحدّ الفلسفي فلكلّ من الوجود الخارجي والوجود الذهني ماهيّته الخاصّة به ; إذ مع تعدّد الوجود المحدود لا بدّ أن يتعدّد الحدّ ، ويترتّب على ذلك أنّ ماهيّة الشئ في الخارج تختلف عن ماهيّته في الذهن بحسب البحث الفلسفي ، فالإنسان في الخارج مثلاً من مقولة وماهيّة الجوهر ، وأمّا الإنسان في الذهن فهو من الكيفيّات النفسانيّة ، وليس له من الحيوانيّة الناطقيّة إلاّ مفهومها بحسب التعريف والحدّ المنطقي ، ونتيجة ذلك إنكار القول بالعينيّة والإيمان بالتباين الماهوي بين الوجودين الخارجي والذهني . والحاصل : إنّنا ننتزع من الواقع الخارجي ماهيّة الجوهر ، كما ننتزع من الواقع الذهني ماهيّة الكيف ، وهما ماهيّتان ومقولتان متباينتان بحسب البحث الفلسفي ، وليس بينهما إلاّ المثليّة في الحدّ والتعريف المنطقي ، ومعنى ذلك أنّ المفاهيم الماهويّة ليس لها من الارتباط مع الخارج إلاّ الحكاية والكاشفيّة ، وهذه هي نظرية الأشباح التي تؤمن بأنّ ما يحصل في الذهن عند العلم بالأشياء هي أشباحها وصورها الحاكية عنها ، مع حفظ التغاير والتباين الماهوي بين مرتبتي الوجود الخارجي والذهني ، فالمفاهيم الماهويّة عبارة عن كيفيّات نفسانية وصور ذهنيّة حاكية وكاشفة عن ماهيّات الأشياء في الخارج ، وذلك من قبيل كاشفيّة وحاكويّة الصور المرآتية عن الواقع الخارجي . إذن فالصحيح هو القول بنظرية الأشباح بالمعنى الذي أشرنا إليه ، ولا