اللَّهِ تَحْوِيلًا ) * [1] . أي أنّ جميع موجودات العالم الخارجي تسير وفق سنن إلهيّة خاصّة لا يمكن أن تختلف أو تتخلّف ، وما من مخلوق من المخلوقات إلاّ وهو محكوم بهذا القانون الإلهي العام ، قال تعالى : * ( مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) * [2] . إذن فللعالم قانونه ونظامه الخاصّ ، وهو نظام السنن الإلهيّة والأسباب والمسبّبات ، والفلسفة بحسب هذا التعريف الثاني عبارة عن النظم العلمي والعقلي المطابق لذلك النظام الخارجي القائم على أساس العلّية والمعلوليّة ، والفيلسوف هو الذي يقف على حقيقة النظام الخارجي للعالم ، ولكن من خلال فهمه وإدراكه الذهني لذلك النظام ، فيعرف حقائق الأشياء على ما هي عليه من العلاقات والروابط والسنن التي تحكمها في الواقع الخارجي . والفرق بين هذا التعريف والتعريف السابق من جهتين : الجهة الأولى : إنّ التركيز في التعريف السابق كان متوجِّهاً إلى العلم والمعرفة بحقائق الموجودات على ما هي عليه ، وأمّا التعريف الثاني فالنظر فيه متوجّه إلى ذات النظام العقلي المضاهي لنظام العالم الخارجي . الجهة الثانية : إنّ نظام الروابط والسنن الذي يحكم العالم الخارجي لم يكن مصرّحاً به في التعريف الأوّل ، ولكنّه جاء صريحاً في التعريف الثاني . ولكن أشكل على كلا التعريفين : بأنّ الوقوف على حقائق الأشياء على ما هي عليه في الخارج عن طريق معرفة الحدود التامّة لذواتها ، إمّا متعسّر أو متعذّر ، فنحن لا نرتبط بالأشياء ولا نعرفها إلاّ من خلال رسومها وحدودها