على صحّة دعواه ومكاشفته . وفي ضوء ذلك يتّضح لنا جليّاً أنّ العارف وإن كان يسلك منهجاً مغايراً لمنهج المتكلّم ومنهج الفيلسوف ، حيث يتّخذ الشهود والكشف والإشراق سبيلاً ومنهجاً في تحقيق المعارف الإلهية ، إلاّ أنّه في مقام إيصال وإثبات ما وصل إليه وتحقّق به نجده يسلك منهجاً آخر وهو المنهج العقلي لإقناع الفيلسوف ، ومنهج النقل لإقناع المتكلّم ، وبذلك يفترق المنهج الثبوتي والشهودي عن المنهج الإثباتي ، فيبقى العارف مفتقراً في المقام الإثباتي للبرهنة على صحة ما شاهده عياناً ؛ ضرورة أنّ ما توصّل إليه وتحقّق به في سفره الثاني سوف يبقى حبيس دائرة شخصه ما لم يقم البرهان على صحة كشفه وشهوده ، ومن هنا نجد أن العرفاء الشامخين قد تصدّوا في المقام الثاني إلى إقامة البراهين على ما انتهوا إليه إمّا بالعقل أو بالنقل . < فهرس الموضوعات > خصوصيات السفر الثالث < / فهرس الموضوعات > خصوصيات السفر الثالث بعد أن اتّضح لنا المراد من السفر الثالث وما يجب على العارف من إيصال شهوده إلى الآخرين ، ينتهي بنا البحث إلى استعراض بعض خصوصيات هذا السفر ، وهي : < فهرس الموضوعات > 1 . اختلاف المبدأ والمنتهى < / فهرس الموضوعات > 1 . اختلاف المبدأ والمنتهى لقد عرفت أنّ المنتهى في السفرين الأوّلين هو الحقّ ، وأنّ المبدأ في أوّلهما هو الخلق والثاني هو الحقّ ، وأمّا في السفر الثالث فإنّ المبدأ هو الحقّ ، والمنتهى هو الخلق . بعبارة أخرى : إنّ المبدأ في السفر الثالث هو الوحدة ، والمنتهى هو الكثرة ، ولكنّها كثرة مستغرقة في الوحدة « فلا يحتجب شهود الحقّ عن مشاهدة الخلق ، ولا شهود الخلق عن مشاهدة الحقّ ، بل يرى الوحدة ظاهرة في الكثرة ،