النور والنعمة » [1] . وأوضح تصريح في الباب قوله : « ولا يحمل كلامنا على مجرد المكاشفة والذوق ، أو تقليد الشريعة من غير ممارسة الحجج والبراهين والتزام القوانين ، فإنّ مجرّد الكشف غير كاف في السلوك من غير برهان ، كما أنّ مجرّد البحث من غير مكاشفة نقصان عظيم في السير ، والله المعين » [2] . وفي هذا الضوء يقال : « قد أُسست هذه الفلسفة المعروفة بالحكمة المتعالية على يد صدر المتألّهين الشيرازي المشهور ملاّ صدرا في القرن الحادي عشر الهجري ، ومنذ هذا التاريخ فما بعد اتخذت الدراسات الفلسفية في إيران تلك التحقيقات التي قام بها ذلك العالم الفذّ في المواضيع الفلسفية المهمّة محوراً لها . وتدور معظم بحوث صدر المتألّهين حول الفلسفة الأولى والحكمة الإلهية ، وقد تمثّل صدر المتألّهين بصورة رائعة ما وصل إليه من آثار اليونانيين القدماء ولا سيما أفلاطون وأرسطو . واستطاع أيضاً هضم ما قدّمه الفارابي وأبو علي وشيخ الإشراق وغيرهم من تفسير أو إبداع ، واستوعب أيضاً ما أدركه العارفون العظام بوحي من أذواقهم وقوّة عرفانهم ، ثمّ شاد أساساً جديداً على قواعد وأصول محكمة لا يتطرّق إليها الخلل ، وأخرج مسائل الفلسفة بشكل رياضيّ بوساطة البرهان والاستدلال ، بحيث تُستنبط وتُستخرج إحداها من الأخرى ، وبهذا أخرج الفلسفة من التبعثر والتشتت في طرق الاستدلال . ومنذ عصر أرسطو - ذلك الفيلسوف الثائر ضد آراء أُستاذه أفلاطون - نلاحظ وجود مذهبين فلسفيين يسيران بشكل متواز ، ويعتبر أفلاطون ممثلاً
[1] شرح أصول الكافي ، صدر المتألّهين ، مصدر سابق : ص 370 . [2] الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ، مصدر سابق : ج 7 ، ص 326 .