لا برهان عليه قطعياً ولا نذكره في كتبنا الحكمية » [1] . وقال أيضاً : « ولا تشتغل بترّهات عوامّ الصوفية من الجهلة ولا تركن إلى أقاويل المتفلسفة جملة ، فإنّها فتنة مضلّة وللأقدام عن جادة الصواب مزلّة ، وهم الذين : * ( فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) * [2] . وقانا الله وإيّاك شرّ هاتين الطائفتين ولا جمع بيننا وبينهم طرف عين » [3] . فالمنهج الحقّ الذي يجب اتّباعه - في عقيدة الشيرازي - أنّه لا غنى للإنسان الطالب للحقيقة بأحد الطريقين عن الآخر « وقد كررّ ذلك في كتبه وأكّده مرة بعد أُخرى ، فأصرّ على ضرورة الجمع بينهما ، كما جمع هو وتفرّد بهذا الجمع فبلغ باباً لم يبلغه أحد من فلاسفة العصور الإسلامية » [4] ؛ قال صدر المتألّهين : « فأولى أن يرجع إلى طريقتنا في المعارف والعلوم الحاصلة لنا بالممازجة بين طريقة المتألّهين من الحكماء والمليّين من العرفاء ، فإنّ ما تيسّر لنا بفضل الله ورحمته وما وصلنا إليه بفضله وجوده من خلاصة أسرار المبدأ والمعاد ، مما لست أظنّ أنْ وصل إليه أحد ممن أعرفه من شيعة المشّائين ومتأخّريهم ، دون أئمّتهم ومتقدّميهم كأرسطو ومن سبقه ، ولا أزعم أن كان يقدر على إثباته بقوّة البحث والبرهان شخص من المعروفين بالمكاشفة والعرفان من مشايخ الصوفية من سابقيهم ولاحقيهم » . « إذن لا المشّاؤون بعد أرسطو بلغوا ما بلغه بالمكاشفة ، ولا الإشراقيون والعرفاء بلغوا ما بلغه بالبحث والبرهان ، فهو المتفرّد بالجمع بين مسلك
[1] مقدمة الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ، مصدر سابق : ج 1 ص 11 . [2] سورة غافر : 83 . [3] مقدمة الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة : ج 1 ص 12 . [4] المصدر نفسه : ج 1 ص 10 .