القاطعة الحجج على أصل المسألة ، وفق ما ذهب إليه المحقّقون ، قد بالغ في دفع تلك الشبهات بلطائف بيانه وبذل الجهد في إماطة تلك الأذيات بمكابس تبيانه ، بحيث لا يبقى لمن له أدنى دربة في العقليات شائبة خدشة فيما هو الحقّ من تلك اليقينيات . . . ثمّ إنّه لمّا كان سوق الكلام في هذه الرسالة إنّما هو على مساق أهل الاستدلال ناسب أن نصدّر الكلام بمقدّمة » [1] . ولكن الذي يواجهه العارف في هذا المقام هو أنّ كثيراً من المكاشفات العرفانية غير قابلة للبيان من خلال العبائر والألفاظ ، فتقع المفارقة بين المقام الأوّل من البحث والثاني منه . يقول الطباطبائي في هذا المجال : « الذين يحاولون بيان المعاني الشهودية من خلال القوالب اللفظية والعبارات اللغوية فهم كالذين يريدون بيان الألوان المختلفة للذي ولد من بطن أُمّه أعمى ، فيحاول أن يدرك المعاني المرتبطة بالباصرة من خلال القوّة السامعة » [2] . المناقشة والتقويم البحث في تقويم هذه المدرسة لا بُدّ أن يقع في مرحلتين : المرحلة الأولى : أكانت هذه المدرسة موفّقة للوصول إلى رؤية كونية صحيحة حول هذه المسائل الثلاث ، وهي « الله ، الإنسان ، العالم » من خلال
[1] تمهيد القواعد ، صائن الدين علي بن محمّد التركة ، آقا محمّد قمشئي وآقا ميرزا محمود قمي ، ط 2 ، تقديم وتصحيح السيّد جلال الدين آشتياني ، الاتحاد الإسلامي للحكمة والفلسفة في إيران ، طهران : ص 10 . [2] مجموعة مقالات الطباطبائي « برسشها وباسخها » ( بالفارسية ) ، إعداد : سيد هادي خسروشاهي ، الطبعة الأولى 1992 م : ج 1 ص 39 .