يرد على ما أقمناه من دليل على القاعدة في العلوم البرهانية . ومن قبيل ذلك ما ذكره السيّد الخميني « قدس سره » في أبحاثه الأصوليّة ، حيث قال : « فتلخّص : أنّ الالتزام بأنّه لا بدّ لكلّ علم من موضوع جامع بين موضوعات المسائل ، ثمّ الالتزام بأنّه لا بدّ من البحث عن عوارضه الذاتية ، ثمّ ارتكاب تكلّفات غير تامّة لتصحيحه ، والذهاب إلى استطراد كثير من المباحث المهمّة التي تقتضي الضرورة بكونها من العلم ، ممّا لا أرى وجهاً صحيحاً له ، ولا قام به برهان ، بل البرهان على خلافه » [1] . ونظره « قدس سره » إلى علم الأصول ، فإنّه لا معنى أن يكون له موضوع واحد بعد أن لم يكن من العلوم الحقيقيّة التي يجري فيها البرهان لتحقيق مسائلها ، ولكن كلامه هذا لا يشمل العلوم البرهانية . والحقّ مع أولئك الأعلام فيما ذكروه ، فإنّ علم الأصول وكذا علم الفقه ليست من العلوم التي يجري فيها البرهان ، بل هي علوم اعتبارية أمرها بيد المعتبر وضعاً ورفعاً ، ولا معنى لأن يكون لها موضوع واحد بحسب الواقع ونفس الأمر جامع لموضوعات مسائلها . والذي يهمّنا في المقام أنّ هناك إشكالاً ذكره السيّد الخميني « قدس سره » على موضوع الفلسفة ، وهو يكشف عن أنّ إشكاله على القاعدة لا يختصّ بالعلوم الاعتبارية ، بل يشمل العلوم الحقيقيّة أيضاً . حصيلة الإشكال إنّه لا يعقل أن يكون لعلم الفلسفة موضوع واحد تدور حوله مسائل العلم ، وذلك لأنّ من أهمّ المباحث الفلسفيّة البحث في الماهية وأحكامها ،
[1] تهذيب الأصول ، أبحاث السيّد الخميني ، تقرير الشيخ السبحاني ، منشورات دار الفكر ، قم : ج 1 ص 4 .