responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 540


ولا آخرة فإذا كان مشهده عبادته في حال ارتقاؤه ونزل الحق إليه كما وصف الحق نفسه بالنزول فوقع الاجتماع وهو المنازلة فمن حيث إن العبد ذو عمل من الأعمال لأنه لا بد أن يكون في عمل مشروع صالح وهو الذي يصعد به فإنه براقه لأنه محمول فيتلقاه من الله من حيث ذلك العمل بالبر الذي عينه الله لمن جاء به وهو مقدر معلوم ثم أن الحق ينظر في هذا المكلف فيراه مع كونه في عمله غير مشهود له ذلك العمل لعلمه أن الله هو العامل به لا هو وأنه محل لخلق العمل به وكالآلة لوجود ذلك العمل فيكون الحق يعطي استحقاق ذلك العمل من حيث ما وعد به فيه وينظر ما مشهد ذلك الشخص فيجده في عبادته التي لم يزل عليها في حال عدمه فما ثم جزاء في مقابلتها إلا أن لا يرزقها الغفلة عنها في زمان خلق الغفلات في المكلفين ما ثم إلا هذا وهو الذي قلنا في الممكن في حال وجوده أنه لا بد من حكم سيادة تظهر منه لأنه في زمان حكم الغفلات فالعناية بهذا العبد في هذه المنازلة رفع الغفلة عن العبادة في كل حال فهذه هي الزيادة في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة للذين أحسنوا بالأعمال الحسنى بما لهم من الأجور بل بما للأعمال من الأجور فإنها بعينها للعامل وزيادة هي ما ذكرناه في حق صاحب العبادة فإنه لا يرزقه الغفلة في وقت العمل عمن هو العامل فيرى أن العامل هو الله وليس يعود الأجر الذي يطلبه العمل إلا على العامل فالعامل عنده هو الله فأجرته لو كان ممن يقبل الأجور على قدره فيحصل للمكلف الذي هو الآلة القابلة للأجور أجر من لو قبل الله الأجير كيف يكون أجره هل يكون إلا على قدره وإن قيده العمل فأين أجر هذا المكلف بهذا الشهود من أجر من يرى في عمله إن المكلف هو العامل لا الحق فيكون أجره على قدر هذا المكلف فلا يحصل له سوى أجر العمل خاصة إلا على قدر أجر العامل لأن العامل عنده عينه ولا قدر له ولولا ظهوره واتصافه بطاعة ربه في عمله لم يكن له قدر من نفسه ولهذا ترى مال المخالف إلى ما يكون فلو كان له قدر في نفس الأمر لسعد بحكم قدره وإنما يسعد برحمة الله ولم تتفاضل سعادتهم لو كان لهم قدر يستحقون به السعادة ولا نشك أنهم في السعادة متفاضلون كما أنهم في الأعمال متفاضلون من حال وزمان ومكان وعين عمل ودوام واجتماع وانفراد إلى غير ذلك فيما يقع به التفاضل فعلمنا أنه ما ثم جزاء القدر فعلمنا إن الإنسان من حيث عينه لا قدر له لا بطاعة ربه وقدر عمله ثم إن الحق بعد هذا النظر وتعيين الجزاء كما قررناه ينظر في شهود هذا المكلف فيراه ذا عبادة والعمل تابع لها فيه وهو لا يتصف بالإعراض عن الأعمال ولا بالإقبال عليه وأنه على الحال الذي كان عليه في حال عدمه لم يتغير فيبقيه على حاله ويحجب الغفلة عنه فلا يكون له أثر فيه بوجه من الوجوه وهذه هي العصمة العامة فإذا وقعت منه مخالفة فإنما تقع بحكم القضاء والقدر من تكوينهما فيه كما وقعت الطاعة فما ينقص له من حاله في عبادته لأن الغفلة محجوبة عنه والحضور له دائم فإذا وقع منه ما وقع فهو من الله عين تكوين لذلك الواقع في هذا المحل ظاهره صورة معصية لحكم خطاب الشرع وهي في نفس الأمر أعني تلك الواقعة موجود أوجده الله في هذا المحل من الموجودات المسبحة بحمده فلا أثر لهذه المخالفة فيه كما لا أثر للطاعة فيه فتسعد النفس الحيوانية بذلك العمل كان العمل ما كان في الظاهر مما يجري عليه لسان ذنب أو لسان خير فإنه في نفس الأمر ليس بذنب وإنما حركته الحيوانية كحركات غير المكلف لا تتصف بالطاعة ولا بالمعصية وإنما ذلك إنشاء صور في هذا المحل ينظر إليها علماء الرسوم قد ظهرت من مؤمن عاقل بالغ فيحكمون عليه بحسب ما هي عندهم في حكم الشرع من طاعة أو معصية ما يلزمهم غير هذا ما لم يدخل لهم الاحتمال فيه فإن دخل لهم الاحتمال في ذلك لم يجز لهم أن يرجحوا جانب لسان الذنب على غير ذلك كرجل أبصرته في بلدة صحيحا سويا في رمضان يأكل نهارا مع معرفتك به أنه مؤمن فيدخل الاحتمال فيه أن يكون به مرض لا تعرفه أو يكون في حال سفر ولا تعرف ذلك فليس لك أن تقدم على الإنكار عليه مع هذا الاحتمال ولا يلزمك سؤاله عن ذلك بل شغلك بنفسك أولى بك وأما قوله في هذا الباب ص إن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فاعلم أنه ما سميت الجنة جنة إلا لما نذكره وكذلك تسمية الملائكة جنة وكذلك الجن فكل ذلك راجع إلى الاستتار والاستتار ما هو على نمط واحد بل حكمه مختلف وذلك أن من هذا النوع كون الحق يتجلى في القيامة ويقول أنا ربكم ويرونه ومع هذا ينكرونه ولا يصدقون به أنه ربهم مع وجود الرؤية على رفع الحجاب فإذا

540

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 540
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست