نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 526
الله رمى فالرامي هو الله والبصر يشهد محمدا أو من وراء حجاب صورة بشرية لتقع المناسبة بين الصورتين بالخطاب أو يرسل رسولا وهو ترجمان الحق في قلب العبد نزل به الروح الأمين على قلبك فإذا أوحى الله إلى الرسول البشري من الوجه الخاص بارتفاع الوسائط وألقاه الرسول علينا فهو كلام الحق لنا من وراء حجاب تلك الصورة المسماة رسولا إن كان مرسلا إلينا أو نبيا وقد تكون هذه الرتبة لبعض الأولياء فإذا انكشف الغطاء البشري عن عين القلب أدرك جميع صور الموجودات كلها بهذه المثابة في خطاب بعضهم بعضا وسماع بعضهم من بعض فأنجد المتكلم والسامع والباطش والساعي والمحس والمتخيل والمصور والحافظ وجميع القوي المنسوبة إلى البشر فالمنازلات كلها برزخية بين الأول والآخر والظاهر والباطن وصور العالم وصور التجلي فأجره حتى يسمع كلام الله فالمترجم المتكلم وقد عرفنا إن الكلام المسموع هو كلام الله لا كلامه فتنظر ما جاء به في خطابه البرزخي وافتح عين الفهم لإدراكه وكن بحسب ما خاطبك به ولا يسمع كلام الله إلا بسمع الله ولا كلام الصورة إلا بسمع الصورة والسامع من وراء السمع والمتكلم من وراء الكلام والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ من التبديل والتغيير فأما ما يدل على توحيد وإما صفة تنزيه وإما صفة فعل وإما ما يعطي الاشتراك وإما تشبيه وإما حكم وإما قصص وإما موعظة بترغيب أو ترهيب أو دلالة على مدلول عليه فهو محصور بين محكم ومتشابه كل خطاب في العالم فالطور الجسم لما فيه من الميل الطبيعي لكونه لا يستقل بنفسه في وجوده وكتاب مسطور عن إملاء إلهي ويمين كاتبة بقلم اقتداري في رق وهو عينك من باب الإشارة لا من باب التفسير منشور ظاهر غير مطوي فما هو مستور والبيت المعمور وهو القلب الذي وسع الحق فهو عامرة والسقف المرفوع ما في الرأس من القوي الحسية والمعنوية والبحر المسجور رأى الطبيعة الموقدة بما فيها من النار الحاكم الموجب للحركة إن عذاب ربك لواقع أي ما تستعذ به النفس الحيوانية والروح الامري والعقل العلوي من سيدها المربي لها المصلح من شأنها لواقع لساقط عليها إذ كانت لها المنازل السفلية من حيث إمكانها مطلقا ومن حيث طبعها مقيدا ما له من دافع لأنه ما ثم غير ما ذكرناه فمن عندنا التلقي لتدليه والترقي لتدانيه وبين هذين الحكمين ظهور البرازخ التي لها المجد الشامخ والعلم الراسخ وقد تكون المنازلة بين الأسماء الإلهية مثل المنازلة في الحرب على هذا الإنسان إذا خالف أمر الله فيطلبه التواب والغفور والرحمن ويطلبه المنتقم والضار والمذل وأمثالهم وقد ورد في الحديث من هذا الباب قوله تعالى ما ترددت في شئ أنا فاعله ترددي في قبض نسمة المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له من لقائي وهذا من المنازلة وقد ذقت هذا الكشف رأيته من الله في قتل الدجال بحضور رسول الله ص معي فيه ومن هنالك انفتح لي باب بسط الرحمة على عباد الله وعلمت إن رحمته وسعت كل شئ فلا بد أن ينفذ حكمها في كل شئ وعلمت حكمة انعدام الأعراض لا نفسها في الزمان الثاني من زمان وجودها وخلق الله الأمثال في المحل أو الأضداد إذ لو ثبت عرض ثبوت محله إذا لم يكن محله معنى مثله أي عرض آخر مثله في العرضية لبقى كما يبقى الجوهر ولم تكن تتبدل حاله على الجوهر فيكون إما دائم الشقاء من أول خلقه أو دائم السعادة فتكون رحمة الله قاصرة على أعيان مخصوصين كما تكون بالوجوب في قوم منعوتين بنعت خاص وفيمن لا ينالها بصفة مقيدة وجوبا تناله الرحمة من باب الامتنان كما نالت هذا الذي استحقها ووجبت له بالصفة التي أعطته فاتصفت بها فوجبت الرحمة له فالكل على طريق الامتنان نالها ونالته فما ثم إلا منة إلهية أصلا وفرعا ثم تسري المنازلة بين الإصبعين من أصابع الرحمن في القلب في ميدان الإرادة فإن أزاغه أزاغه رحمان وإن أقامه أقامه رحمان فما ثم حكم إلا له لأنه المستوي على العرش فلا تنفذ الأحكام إلا من هذا الاسم ثم تظهر المنازلة بين الملك والشيطان على القلب باللمتين اللتين يجدهما المكلف في قلبه فإن لم يكن مكلفا ووجد التردد في قلبه فلا يخلوا إما أن يكون في دار تكليف أو لا يكون فإن كان في دار تكليف فالتردد إنما هو من اللمة الملكية واللمة الشيطانية بطلب كل واحد منهما لما نفذت فيه لمته أن يكون للمكلف في ذلك دخول بإعانة في فساد فيجوز الإثم عليه كصبيين لم يبلغا حد التكليف فيتضاربان عن لمة الشيطان التي غلبت على كل واحد منهما فيجئ والداهما أو شخصان من قرابتهما أو جيرانهما أو من
526
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 526