نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 486
أرواحها حكم فيها ذلك التجلي حكمه في الجبل فبعد إن كان قائما بتدبير الجسد زال عن قيامه فظهر حكم الصعق في جسد موسى وما هو إلا إزالة قيام المدبر له خاصة كما زال الجبل عن وتديته فثبت في نفسه ولم يثبت غيره فإن الجبل ما وضعه الله إلا ليسكن به ميد الأرض فزال حكمه إذا زالت جبليته كما زال تدبير الروح لجسد صاحب الصعق إذ زال قيامه به فأفاق موسى بعد صعقه ولم يرجع الجبل إلى وتديته لأنه لم يكن هناك من يطلبه لوجود العوض هو غيره من الجبال وهذا الجسد الخاص ما له مدبر مخلوق سوى هذا الروح فطلب الجسم من الله بالحال مدبره فرده الله إليه فأفاق فالنشأة الطبيعية تحفظ التدبير على روحها المدبر لها لأنها لا غنى لها عن مدبر يدبرها والأرض لا تحفظ وتدية جبل عليه معين لاستغنائها عنه بأمثاله لكن لا غنى لها عن المجموع إذا طلب السكون فهذا سبب علة إفاقة موسى وعدم رجوع الوتدية للجبل فالجبال مخلوقة بالأصالة صفة الرحمة واللطف والتنزل فظهرت ابتداء بصورة القهر حيث سكنت ميد الأرض فكانت رحمتها في القهر فلا تعرف التواضع فإنها ما كانت أرضا ثم صارت جبالا فأول جبل أنزله الله عن قهره وجبروته بالحجاب الذي كان الحق احتجب عنه حجاب شهود لا حجاب علم جبل موسى بالتدكدك فصار أرضا بعد ما كان جبلا فهو أول جبل عرف نفسه ثم بعد ذلك في القيامة تصير الجبال دكا دكا لتجلى الحق إذا كانت كالعهن المنفوش فمد الأرض إنما هو مزيد امتداد الجبال وتصييرها أرضا فما كان منها في العلو في الجو إذا انبسط زاد في بسط الأرض ولهذا جاء الخبر أن الله يمد الأرض يوم القيامة مد الأديم فشبه مدها بمد الأديم وإذا مد الإنسان الأديم فإنه يطول من غير أن يزيد فيه شئ لم يكن في عينه وإنما كان فيه تقبض ونتوء فلما مدا نبسط عن قبضه وفرش ذلك النتوء الذي كان فيه فزاد في سعة الأرض ورفع المنخفض منها حتى بسطة فزاد فيها ما كان من طول من سطحها إلى القاع منها كما يكون في الجلد سواء فلا ترى في الأرض عوجا ولا أمتا فيأخذ البصر جميع من في الموقف بلا حجاب من ارتفاع وانخفاض ليرى الخلق بعضهم بعضا فيشهدوا حكم الله بالفصل والقضاء في عباده لوجود الصفتين وحكم القدمين من الظاهر والباطن فلولا ظهور الحق ما كان إنسان * ولولا بطون الحق ما قام برهان فما ثم إلا واجب ثم واجب * إذا ما علمت الأمر ما ثم إمكان فما أكمل في الكون من عين ذاته * وهذا الذي سماه في الكون إنسان وما ثم مقصود سواه فإنه * هو الحق لا يحجبك خلد ونيران فإن الذي أبداه أعلم أنه * له غضب يبديه ووقتا ورضوان فلا بد من دارين دار كرامة * ودار عذاب فيه للعقل تبيان وهذا الذي جئنا به في كلامنا * هو الحق إن فكرت ما فيه بهتان وكيف لا تعرف هذا من نفس ما نطقت به وترجمت عنه وقد علمت بأن الحق أيدني * فما أفوه به عنه وقيدني به فلا تبرح الأرواح تنزل بي * على الدوام وتهواني فتقصدني وذاك أن لنا عينا مكملة * بها يرى نفسه من كان يشهدني لذاك أوجدني ربي وخصصني * فكل ما فيه منه حين يوجدني وانظر إلي ترى في صورتي عجبا * في كل حال إله الحق يسعدني إذا هممت بأمر لا يقاومه * أمر وجدت إلهي فيه يعضدني فكل عقل يرى ربي يوحده * والحق حين يراني بي يوحدني فالله يعلم ما في الغيب من عجب * وبالوصول إليه الحق يفردني وفي هذا المنزل من العلوم ما في الكتب الأربعة وهي القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وفيه علم ما سبب إنزال الكتب وما نزل إلا كلام على الرسل وكتب عن الرسل في الكتب وإنما نزل كتابة إلى السماء الدنيا فيما نقل وذلك ليلة القدر
486
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 486