نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 484
من مخصص لا قابل للاشكال فإن ذلك لنفسه فالتركيب الذاتي الذي يقتضيه الواجب الوجود لنفسه خارج عن هذا الحكم لأنه مجهول الماهية عند النظار فنسبة التركيب إليه مجهولة مع معقولية التركيب ومعنى التركيب كونه كثيرا في ذاته كما لم يقدح فيه كونه له صفات قديمة عند مثبتي الصفات من النظار كالأشاعرة وما وجدنا عقلا يقيم دليلا قط على أنه تعالى لا يحكم عليه بأمر فغاية من غاص في النظر العقلي واشتهر من العلماء أنه عقل صرف لا حظ له في الايمان إنه حكم عليه بأنه علة فما خلص التوحيد له في ذاته حين حكم عليه بالعلية وأما غيرهم من النظار فحكموا عليه بالنسب وأن ثم أمرا يسمى القائلية والقادرية بهما حكمنا حكما عليه إنه قائل وقادر وأما غير هؤلاء من النظار فحكموا عليه بأن له صفات زائدة على ذاته قديمة أزلية قائمة بذاته تسمى حياة وعلما وقدرة وإرادة وكلاما وسمعا وبصرا بها يقال فيه إنه حي عالم قادر مريد متكلم سميع بصير وجميع الأسماء من حيث معانيه أعني الأسماء الإلهية تندرج تحت هذه الصفات الأزلية القديمة القائمة بذات الحق ومن النظار من جعل لكل اسم إلهي معنى معقولا يعقل منه أن ذلك المعنى قائم بذات الحق قديم أزلي ولو كان ما كان وبلغ ما بلغ من الأعداد وروينا عن أبي بكر القاضي الباقلاني أنه يقول بهذا غير أنهم اتفقوا بالنظر العقلي على إن الحوادث لا تقوم به فما أخلوا ذاته عن حكم إما بنسب وإما بصفات وإما بمعاني أسماء ثم جاء الشرع وهو ما ترجمه الرسول ص وقال إنه كلام الله وأقام الدلالة على صدقه أنه من عند الله وأخبر أنه في كل ما ينطق عن الله ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ينزل به الروح الأمين على قلبه أو يلهمه الله إلهاما في نفسه بأنه تعالى على كذا وكذا من أمور وصف بها نفسه وذكر عن ذاته أنها على ما أخبر بعبارات تعلم في العرف بالتواطئ معانيها لا نشك في ذلك بأي لسان أرسل ذلك الرسول وأضاف تلك المعاني إلى نفسه وذاته إنه عليها من يدين وأصبعين ويمين وأعين ومعية وضحك وفرح وتعجب وتبشبش وإتيان ومجئ واستواء ونزول وبصر وعلم وكلام وصوت وأمثال ذلك من هرولة وحد ومقدار ورضي وغضب لأسباب حادثة من العبيد المكلفين فعلوها أغضبوا بها ربهم فقبل الغضب ووصف نفسه به ووصف نفسه بأن العبد إذا تصدق مثلا يطفئ بصدقته غضب الله عليه وهذا كله معقول المعنى مجهول لنسبة إلى الله يجب الايمان به على كل إنسان خوطب أو كلف به من عند الله وهذا كله خارج عن الدلالة العقلية إلا أن يتأول فحينئذ يقبله العقل فقبوله بالإيمان أولى لأنه حكم حكم به الحق على نفسه أنه كذا مع أنه ليس كمثله شئ فنفى عنا العلم بوجه النسبة إليه ما نفى الحكم بذلك عن نفسه وحكمه سبحانه بأمر على نفسه أولى بنا أن نقبله منه من حكم حكم به مخلوق وهو العقل عليه فما أعمى من اتبع عقله في حكمه بما حكم به على ربه ولم يتبع ما حكم به الرب على نفسه وأي عمى أشد من هذا ولا سيما والمترجم عن الله تعالى وهو الرسول ص قد نهى المكلفين أصحاب العقول أن يفكروا في ذات الله وأن يصفوها بنعت ليس في إخبار الله عن نفسه فعكسوا القضية وفكروا في ذات الله وحكموا بما حكموا به على ذاته تعالى ولما جاء إخباره إلينا بما هو عليه في ذاته أنكروا ذلك بعقولهم وردوه وكذبوا الرسل ومن صدقهم من هؤلاء جعلوا ذلك سياسة من حكيم عاقل لمصلحة الوقت وتوفر الدواعي بالجمعية على إله هذه صفته تقريرا في النفوس القاصرة فإذا قرروا ذلك ظهروا للناس في العامة بالارتباط بتلك الصفات مثل ما هي العامة عليه وفي أنفسهم خلاف ما ظهروا به وأما من أعطاه نظره وجود الرسول وصدقه فيما أخبر فغايته التأويل حتى لا يخرج عن حكم عقله على ربه فيما أخبر به عن نفسه فكأنه في تصديقه مكذب وأما أهل السلامة الذين لا نور عندهم إلا نور الايمان سلموا ذلك إلى الله على علم الله فيه مع الايمان والتحقيق لما تعطيه تلك العبارات من المعاني بالتواطئ عليها في ذلك اللسان المبعوث به هذا الرسول وأما أهل الكشف والوجود فآمنوا كما آمن هؤلاء ثم اتقوا الله فيما حد لهم وشرع فجعل لهم فرقانا فرقوا به بين نسبة هذه الأحكام إلى الله ونسبتها إلى المخلوق فعرفوا معانيها عن عيان وعلم ضروري وإلى هنا انتهوا فانظر في تفاوت العقول في الأمر الواحد واختلاف الطرق فيه لمن كان له عقل سليم وألقى السمع لخطاب الحق وهو شهيد لمواقع الخطاب الإلهي على الشهود والكشف فإذا تقرر ما ذكرناه وكان الأمر على ما شرحناه وبيناه فاعلم أن الله هو الظاهر الذي تشهده العيون والباطن الذي
484
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 484