نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 464
والقهار من حيث إن أسماء التقابل له كثيرة كما ذكرناها من المحيي والمميت والضار والنافع وما أشبه ذلك ومن هاتين القدمين ظهر في النبوة المبعوث وغير المبعوث وفي المؤمنين المؤمن عن نظر وعن غير نظر فحكمهما سار في العالم فقد بان لك الأمر فلا ينهتك الستر كما يحكمك الشفع كذا يحكمك الوتر وأما معرفة الحجاب والرؤية وهما من أحكام القدمين وإن كان حكم الرؤية باقيا إلا أن متعلقها الحجاب فهي ترى الحجاب فما زال حكمها فما ثم قاهر لها ولا مضاد إلا أن الرائي له عرض في متعلق خاص إذا لم تتعلق رؤيته به هناك يظهر حكم الحجاب فالغرض هو المقهور لا الرؤية فمن أراد أن يزول عنه حكم القهر فليصحب الله بلا غرض ولا تشوف بل ينظر كل ما وقع في العالم وفي نفسه يجعله كالمراد له فيلتذ به ويتلقاه بالقبول والبشر والرضي فلا يزال من هذه حاله مقيما في النعيم الدائم لا يتصف بالذلة ولا بأنه مقهور فتدركه الآلام لذلك وعزيز صاحب هذا المقام وما رأيت له ذائقا لأنه يجهل الطريق إليه فإن الإنسان لا يخلو نفسا واحدا عن طلب يقوم به لأمر ما وإذا كانت حقيقة الإنسان ظهور الطلب فيه فليجعل متعلق طلبه مجهولا غير معين إلا من جهة واحدة وهو أن يكون متعلق طلبه ما يحدثه الله في العالم في نفسه أو في غيره فما وقعت عليه عينه أو تعلق به سمعه أو وجده في نفسه أو عامله به أحد فليكن ذلك عين مطلوبه المجهول قد عينه له الوقوع فيكون قد وفي حقيقة كونه طالبا وتحصل له اللذة بكل واقع منه أو فيه أو من غيره أو في غيره فإن اقتضى ذلك الواقع التغيير له تغير لطلب الحق منه التغير وهو طالب الواقع والتغير هو الواقع وليس بمقهور فيه بل هو ملتذ في تغييره كما هو ملتذ في الموت للتغير وما ثم طريق إلى تحصيل هذا المقام إلا ما ذكرناه فلا نقل كما قال من جهل الأمر فطلب المحال فقال أريد أن لا أريد وإنما الطلب الصحيح الذي تعطيه حقيقة الإنسان أن يقول أريد ما تريد وأما طريقتها في العموم فسهل على أهل الله وذلك أن الإنسان لا يخلوا من حالة يكون عليها ويقوم فيها عن إرادة منه وعن كره بأن يقام فيها من غير إرادة ولا بد أن يحكم لتلك الحال حكم شرعي يتعلق بها فيقف عند حكم الشرع فيريد ما أراده الشرع فيتصف بالإرادة لما أراد الشرع خاصة فلا يبقى له غرض في مراد معين وكذلك من قال إن العبد ينبغي أن يكون مع الله بغير إرادة لا يصح وإنما يصح لو قال إن العبد من يكون متعلق إرادته ما يريد الحق به إذ لا يخلو عن إرادة فمن طلب رؤية الحق عن أمر الحق فهو عبد ممتثل أمر سيده ومن طلب رؤية الحق عن غير أمر الحق فلا بد أن يتألم إذا لم يقع له وجدان لما تعلقت به إرادته فهو الجاني على نفسه فإن خالق الأشياء والمرادات والحوادث يحكم ولا يحكم عليه فليكن العبد معه على ما يريده فإنه يجوز بهذا الراحة المعجلة في الدنيا وقد ورد في الأخبار الإلهية يا عبدي أريد وتريد ولا يكون إلا ما أريد فهذا تنبيه على دواء إذا استعمله الإنسان زال عنه الألم الذي ذكرناه ولذلك ورد في الإلهيات عن كعب الأحبار أن الله تعالى يقول يا ابن آدم إن رضيت بما قسمت لك أرحت قلبك وبدنك وهو موضع إرادة العبد وأنت محمود وإن لم ترض بما قسمت لك سلطت عليك الدنيا حتى تركض فيها ركض الوحش في البرية ثم وعزتي وجلالي لا تنال منها إلا ما قدرت لك وأنت مذموم وهذا أيضا دواء وأما قوله تعالى وما تشاءون إلا أن يشاء الله فهو عزاء أفاد علما ليثبت به العبد في القيامة حكما فهو تلقين حجة ورحمة من الله وفضل واعلم أنه كل ما ينال بسعاية فليس فيه امتنان والطلب سعاية والرؤية امتنان فلا يصح أن يطلب فإذا وقع ما وقع من الرؤية عن طلب فليست هي الرؤية على الحقيقة الحاصلة عن الطلب فإن مطلوبه من المرئي أن يراه إنما هو أن يراه على ما هو له وهو لا يتجلى له إلا في صورة علمه به لأنه إن لم يكن كذلك أنكره فما تجلى له إلا في غير ما طلب فكانت الرؤية إحسانا فإنه ما جاءه عين ما طلب وهو يتخيل أن ذلك عين ما طلب وليس هو فإذا وقع له الالتذاذ بما رآه وتخيل أنه مطلوبه تجلى له بعد ذلك من غير طلب فكان ذلك التجلي أيضا امتنانا إلهيا أعطاه من العلم به ما لم يكن عنده ولا خطر على باله فإذا فهمت ما ذكرته لك علمت أن رؤية الله لا تكون بطلب ولا تنال جزاء كما تنال النعم بالجنان وهذه مسألة ما في علمي أن أحدا نبه عليها من خلق الله إلا الله مع أن رجال الله يعلمونها وما نبهوا عليها لتخيلهم إن هذه المسألة قريبة المأخذ سهلة المتناول أو وقوعها من المحال لا بد من أحد الحكمين فإن الله ما سوى بين الخلق في العلم به فلا بد من التفاضل في ذلك بين عباد الله فإن المعتزلي يمنع الرؤية والأشعري يجوزها عقلا
464
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 464