نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 437
الفلك إلى ما تحته هي الدار الدنيا فإنه من هناك إلى ما تحته يكون استحالة ما تراه إلى الأخرى فللأخرى صورة فيها غير صورة الدنيا فينتقل من ينتقل منها إلى الجنة من إنسان وغير إنسان ويبقى ما يبقى فيها من إنسان وغير إنسان وكل من يبقى فيها فهو من أهل النار الذين هو أهلها وجعل الله لكل كوكب من هذه الكواكب قطعا في الفلك الأطلس ليحصل من تلك الخزائن التي في بروجه وبأيدي ملائكته الاثني عشر من علوم التأثير ما تعطيه حقيقة كل كوكب وقد بينا ذلك وجعلها على طبائع مختلفة والنور الذي فيها وفي سائر السيارة من نور الشمس وهو الكوكب الأعظم القلبي ونور الشمس ما هو من حيث عينها بل هو من تجل دائم لها من اسمه النور فما ثم نور إلا نور الله الذي هو نور السماوات والأرض فالناس يضيفون ذلك النور إلى جرم الشمس ولا فرق بين الشمس والكواكب في ذلك إلا أن التجلي للشمس على الدوام فلهذا لا يذهب نورها إلى زمان تكويرها فإن ذلك التجلي المثالي النوري يستتر عنه في أعين الناظرين بالحجاب الذي بينهما وبين أعينهم وبسباحة هذه الكواكب تحدث أفلاكا في هذا الفلك أي طرقا والهواء يعم جميع المخلوقات فهو حياة العالم وهو حار رطب فما أفرطت فيه الحرارة والسخونة سمي نارا وما أفرطت فيه الرطوبة وقلت حرارته سمي ماء وما بقي على حكم الاعتدال بقي عليه اسم الهواء وعلى الهواء أمسك الماء وبه جرى وأنساب وتحرك وليس في الأركان أقبل لسرعة الاستحالة من الهواء لأنه الأصل وهو فرع لازدواج الحرارة والرطوبة على الاعتدال والطريق المستقيم فهو الاسطقص الأعظم أصل الاسطقصات كلها والماء أقرب أسطقص إليه ولهذا جعل الله منه كل شئ حي ويقبل بذاته التسخين ولا تقبل النار برودة ولا رطوبة لا بالذات ولا بالعرض بخلاف الماء ( وصل ) فأعظم البروج البروج الهوائية وهي الجوزاء والميزان والدالي ولما خلق الله الأرض سبع طباق جعل كل أرض أصغر من الأخرى لكون على كل أرض قبة سماء فلما خلق الأرض وقدر فيها أقواتها وكسا الهواء صورة النحاس الذي هو الدخان فمن ذلك الدخان خلق سبع سماوات طباقا أجساما شفافة وجعلها على الأرض كالقباب على كل أرض سماء أطرافها عليها نصف كرة والأرض لها كالبساط فهي مدحية دحاها من أجل السماء أن تكون عليها فمادت فقال بالحبال عليها فثقلت فسكنت بها وجعل في كل سماء منها كوكبا وهي الجواري منها القمر في السماء الدنيا وفي السماء الثانية الكاتب وهو عطارد وفي الثالثة الزهرة وفي الرابعة الشمس وفي الخامسة الأحمر وهو المريخ وفي السادسة المشتري وهو بهرام وفي السابعة زحل وهو المقاتل كما رسمناها في المثال المتقدم فلما سبحت الكواكب كلها ونزلت بالخزائن التي في البروج ووهبتها ملائكة البروج من تلك الخزائن ما وهبتها أثرت في الأركان ما تولد فيها من جماد الذي هو المعدن ونبات وحيوان وآخر موجود الإنسان الحيوان خليفة الإنسان الكامل وهو الصورة الظاهرة التي بها جمع حقائق العالم والإنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جمعية حقائق العالم حقائق الحق التي بها صحت له الخلافة ظهر ذلك فيمن ظهر من هذه الصور فجعل في كل صنف من المولدات نوعا كاملا من جنسها فأكمل صورة ظهرت في المعدن صورة الذهب وفي النبات شجر الوقواق وفي الحيوان الإنسان وجعل بين كل نوعين متوسطات كالكمأة بين المعدن والنبات والنخلة بين النبات والحيوان والنسناس والقرد بين الحيوان والإنسان ونفخ في كل صورة أنشأها روحا منه فحييت وتعرف إليها بها فعرفته بأمر جبلت عليه تلك الصورة وما تعرف إليها إلا من نفسها فما تراه إلا على صورتها وكانت الصورة على أمزجة مختلفة وإن كانت خلقت من نفس واحدة كقلوب بني آدم خلقها الله من نفس واحدة وهي مختلفة فمن الصور من بطنت حياته فأخذ الله بأبصار أكثر الناس عنها وهي على ضربين ضرب له نمو وغذاء ونوع له نمو ولا غذاء له فسمينا الصنف الواحد معدنا وحجرا والآخر نباتا ومن الصور من ظهرت حياته فسميناه حيوانا وحيا والكل حي في نفس الأمر ذو نفس ناطقة ولا يمكن أن يكون في العالم صورة لا نفس لها ولا حياة ولا عبادة ذاتية وأمرية سواء كانت تلك الصورة مما يحدثها الإنسان من الأشكال أو يحدثها الحيوانات ومن أحدثها من الخلق عن قصد وعن غير قصد فما هو إلا أن تتصور الصورة كيف تصورت وعلى يدي من ظهرت إلا ويلبسها الله تعالى روحا من أمره ويتعرف إليها من حينه فتعرفه منها وتشهده فيها هكذا هو الأمر دائما دنيا وآخرة يكشفه أهل الكشف فظهر الليل والنهار بطلوع الشمس وغروبها كل
437
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 437