responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 406


في تلك الخزانة وبقيت هي مشتغلة بقبول ما يأتي إليها عند مفارقة زمان الحال وحكم الزمان الماضي على هذا الآتي فتأخذه فتلقيه في الخزانة خزانة الحفظ وإنما سميت خزانة الحفظ لأنها تحفظ على الآتي زمان الحال وهو الدائم فلا يحكم عليه الزمان الماضي بخلاف من ليس له هذا الاستعداد ولا هذا التهيؤ فإن الماضي يأخذه فينساه العبد فلا يدري أين ذهب وهو الذي يستولي عليه سلطان الغفلة والسهو والنسيان فيكون الحق يحفظه له أو عليه والعبد لا يشعر لهذا الحفظ الإلهي بل أكثر العبيد لا كلهم وهو قوله فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وقال تعالى أيضا في كتابه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا فالعبد الكامل رب الحفظ يحضر والغافل الذي لا حفظ له يحضر له فبين الرجلين بون بعيد فالحكم العام إنما هو لزمان الحال وهو الدائم يحضر المستقبل قبل إتيانه ويمسك ما أتى به الماضي فإن الزمان صورة روحها ما يأتي به لا غير فزمان الحال حي بحياة كل زمان لأنه الحافظ والضابط لكل ما أتى به كل زمان ولما كانت الأزمنة ثلاثة كانت الأحوال ثلاثة حال اللين والعطف فإنه يأتي باللين ما يأتي بالقهر والفظاظة ولا يأتي بالقهر ما يأتي باللين فإن القهر لا يأتي بالرحمة والمودة في قلب المقهور وباللين ينقضي المطلوب وتأتي بالمودة فتلقيها في قلب من استملته باللين وصاحب اللين لا يقاوم فإنه لا يقاوم لما يعطيه اللين من الحكم والحال الثاني حال هداية الحائر فإن الحائر إذا سأل يسأل إما بحاله وإما بقوله فإن العالم بما حار فيه يجب عليه إن يبين له ما حار فيه فإن كان المسؤول فيه مما تكون حقيقة الحيرة فيه أبان له هذا العالم أن العلم به أنه يحار فيه فأزال عنه الحيرة في الحيرة وإن كانت من العلوم التي إذا بينت زالت الحيرة فيه وبان بيان الصبح لذي عينين أبانه له فعلمه فأزال عنه الحيرة ولا يرده ولا يقول له ليس هذا عشك فأدرج ولا سألت ما لا يعطيه مقامك فإن الإنسان إذا قال مثل هذا القول لمن سأله عن علم ما فليس بعالم وهو جاهل بالمسألة وبالوجه الذي ينبغي من هذه المسألة أن يقابل به هذا السائل والعلم وسوء الخلق لا يجتمعان في موفق فكل عالم فهو واسع المغفرة والرحمة وسوء الخلق إنما هو من الضيق والحرج وذلك لجهله فلا يعلم قدر العلم إلا العلماء بالله فله السعة التي لا نهاية لها مددا ومدة ولقد شفعت عند ملك في حق شخص أذنب له ذنبا اقتضى ذلك الذنب في نفس ما يطلبه الملك أن يقتل صاحبه فإن الملك يعفو عن كل شئ إلا عن ثلاثة أشياء فإنه لا يعفو عنها إذ لا عفو فيها وما يتفاضل الملوك فيها إلا في صورة العقوبة والثلاثة الأشياء التي لا عفو فيها عند الملوك التعرض للحرم وإفشاء سره والقدح في الملك وكان هذا الشخص قد جاء لهذا الملك بما يقدح في الملك فعزم على قتله فلما بلغتني قصته تعرضت عند الملك للشفاعة فيه إن لا يقتله فتغير وجه الملك وقال هو ذنب لا يغفر فلا بد من قتله فتبسمت وقلت له أيها الملك والله لو علمت إن في ملكك ذنبا يقاوم عفوك ويغالبه ما شفعت عندك ولا اعتقدت فيك إنك ملك والله إني من عامة المسلمين والله ما أرى في العالم كله ذنبا يقاوم عفوي فتحير من قولي ووقع لي بالعفو عن ذلك الشخص فقلت له فاجعل عقوبته إنزاله عن الرتبة التي أوجبت له عندك إن تطلعه على أسرارك حتى ركب مركبا يقدح في الملك فإني كما كنت له في دفع القتل عنه إنا أيضا للملك معين فيما يدفع عن القدح في ملكه ففرح الملك بذلك وسر وقال لي جزاك الله خيرا عني ثم صعد من عندي إلى قلعته وأخرج ذلك المحبوس وبعث به إلي حتى رأيته فوصيته بما ينبغي وتعجبت من عقل الملك وتأدبه وشكرته على صنيعه والحال الثالث إظهار المنعم عليه نعمة المنعم عليه فإن إظهارها عين الشكر وحقه وبمثل هذا يكون المزيد كما يكون بالكفران لها زوال النعم والكفران سترها فإن الكفر معناه الستر قال تعالى وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان وهذا غاية النعم من المنعم فكفرت يعني الجماعة التي أنعم عليها المنعم بهذه النعم بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع بإزالة الرزق والخوف بإزالة الأمن بما كانوا يصنعون من ستر النعم وجحدها والأشر والبطر بها وقال تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم وقال واشكروا لي ولا تكفرون هذا مع غناه عن العالمين فكيف بالفقير المحتاج إذا أنعم على مثله من نعمة الله التي أعطاه إياه وامتن عليه بها فهو أحوج إلى الشكر وأفرح به من الغني المطلق الغني عن العالمين وهذه خزانة شريفة العلم بها شريف ومقامها مقام منيف

406

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست