responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 398


جديد الناس منه في لبس فالله خالق دائما والعالم في افتقار دائم له في حفظ وجوده بتجديده فالعالم معقول لذاته موجود بالله تعالى فحدوده النفسية عينه وهذا هو الذي دعا الحسبانية إلى القول بتجديد أعيان العالم في كل زمان فرد دائما وذهلت عن معقولية العالم من حيث ما هو محدود وهو أمر وهمي لا وجود له إلا بالوهم وهو القابل لهذه المعاني وفي العلم ما هو غير جميع هذه المعاني فصار محسوسا أمر هو في نفسه مجموع معقولات فأشكل تصوره وصعب على من غلب عليه وهمه فحار بين علمه ووهمه وهو موضع حيرة وقالت طائفة بتجدد الأعراض على الجوهر والجوهر ثابت الوجود وإن كان لا بقاء له إلا بالعرض وما تفطن صاحب هذا القول لما هو منكر له فغاب عنه شئ فجهله وظهر له شئ فعلمه وقالت طائفة أخرى بتجدد بعض الأعراض وهي المسماة عندهم أعراضا وما عداها وإن كانت في الحقيقة على ما يعطيه العلم أعراضا فيسمونها صفات لازمة كصفرة الذهب وسواد الزنجي وهذا كله في حق من يثبتها أعيانا وجودية وثم من يقول إن ذلك كله نسب لا وجود لها إلا في عين المدرك لها لا وجود لها في عينها وإلى هذا ذهب القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني على ما وصل إلينا والعهدة على الناقل وأهل الكشف لهم الاطلاع على جميع المذاهب كلها والنحل والملل والمقالات في الله اطلاعا عاما لا يجهلون منه شيئا فما تظهر نحلة من منتحل ولا ملة بناموس خاص تكون عليه ولا مقالة في الله أو في كون من الأكوان ما تناقض منها وما اختلف وما تماثل إلا ويعلم صاحب الكشف من أين أخذت هذه المقالة أو الملة أو النحلة فينسبها إلى موضعها ويقيم عذر القائل بها ولا يخطئه ولا يجعل قوله عبثا فإن الله ما خلق سماء ولا أرضا وما بينهما باطلا ولا خلق الإنسان عبثا بل خلقه ليكون وحده على صورته فكل من في العالم جاهل بالكل عالم بالبعض إلا الإنسان الكامل وحده فإن الله علمه الأسماء كلها وآتاه جوامع الكلم فكملت صورته فجمع بين صورة الحق وصورة العالم فكان برزخا بين الحق والعالم مرآة منصوبة يرى الحق صورته في مرآة الإنسان ويرى الخلق أيضا صورته فيه فمن حصل في هذه المرتبة حصل رتبة الكمال الذي لا أكمل منه في الإمكان ومعنى رؤية صورة الحق فيه إطلاق جميع الأسماء الإلهية عليه كما جاء في الخبر فبهم تنصرون والله الناصر وبهم ترزقون والله الرازق وبهم ترحمون والله الراحم وقد ورد في القرآن فيمن علمنا كماله واعتقدنا ذلك فيه أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين أي لترحمهم لما دعا على رعل وذكوان وعصية والتخلق بالأسماء يقول به جميع العلماء فالإنسان متصف يسمى بالحي العالم المريد السميع البصير المتكلم القادر وجميع الأسماء الإلهية من أسماء تنزيه وأفعال تحت إحاطة هذه الأسماء السبعة التي ذكرناها لا يخرج عنها جملة واحدة فلهذا لم نأت بها على التفصيل وقد ذكرنا منها طرفا شافيا في كتابنا المسمى إنشاء الجداول والدوائر صورنا فيه العالم والحضرتين ممثلتين في أشكال ليقرب العلم بها على صاحب الخيال إذ لا يخلو الإنسان مع عقله عن حكم الوهم فيما يعلم أنه محال ومع هذا تصوره وتغلب عليه حكم الوهم إذ كان لا ينضبط لها العلم بذلك إلا بعد تصوره وحينئذ تضبطه القوة الحافظة وتحكم عليه القوة المذكرة إذا غلب على القوة الحافظة فخرج من تحت حكمها فإن المذكرة لا تفرط فيه فلا يزال المعلوم محصورا في العلم ولهذا كان المعلوم محاطا به قال تعالى أحاط بكل شئ علما فمن علم ما ذكرناه في هذا الوصل وما حوت عليه هذه الخزانة علم نفسه وعلم ربه وعلم العالم وما أصله وإذا بدا له منه ما بدا علم من أين جاء وإلى أين يعود وعلم ما يستحقه منه فوفاه حقه فأعطى كل ذي حق حقه كما إن الله أعطى كل شئ خلقه فالذي انفرد به الحق إنما هو الخلق والذي انفرد به من العالم الكامل إنما هو الحق فيعلم ما يستحقه كل موجود فيعطيه حقه وهو المسمى بالإنصاف فمن أعطيته حقه فقد أنصفته فإن تغاليت فما كملت وأنت ناقص فإن الزيادة في الحد نقص في المحدود فلا يتعدى الكامل بالشئ رتبته وقد ذم الله تعالى تعليما لنا في إقامة العدل في الأشياء من تغالى في دينه ونزه الحق تعالى عما يستحقه فهو وإن قصد تعظيما بذلك الفعل في التغالي فقد وقع في الجهل وجاء بالنقص في موضع الكمال فقال لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق فالغلو مثل أن ينسب إلى الله الأحوال وهي ليست إلا أحكام المعاني فالمعاني لله وجودها وإذا وجدت فيمن وجدت فيه أعطت بذاتها الحال المنعوت به ذلك المحل الذي قام به هذا المعنى فهذا من التغالي وهذا مثل العالم

398

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 398
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست