responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 396


عين الوجود هو الذي يحفظ عليه أحوال أعيان الممكنات الثابتة وإنها لا وجود لها البتة بل لها الثبوت والحكم في العين الظاهرة التي هي الوجود الحقيقي ومن أصحابنا من يرى أن الأعيان اتصفت بالوجود واستفادته من الحق تعالى وإنها واحدة بالجوهر وإن تكثرت وأن الأحوال يكسوها الحق بها مع الأنفاس إذ لا بقاء لها إلا بها فالحق يجددها على الأعيان في كل زمان فعلى الأول يكون قوله حتى يفنى من لم يكن فلا يبقى له أثر في عين الوجود فيكون مسلوب النعوت وذلك حال التنزيه ويبقى من لم يزل على ما هي عليه عينه وهو الغني عن العالمين فإن العالم ليس سوى الممكنات وهو تعالى غني عنها إن تدل عليه فإنه ما ثم من يطلب على ما قلناه الدلالة عليه فإن الممكنات في أعيانها الثابتة مشهودة للحق والحق مشهود للأعيان الممكنات بعينها وبصرها الثابت لا الموجود فهو يشهدها ثبوتا وهي تشهده وجودا وعلى القول الآخر الذي يرى وجود أعيان الممكنات وآثار الأسماء الإلهية فيها وإمداد الحق لها بتلك الآثار لبقائها فتفني تلك الآثار والأعيان القابلة لها عن صاحب هذا الشهود حالا والأمر في نفسه موجود على ما هو عليه لم يفن في نفسه كما فنى في حق هذا القائل به فلا يبقى له مشهود إلا الله تعالى وتندرج الموجودات في وجود الحق وتغيب عن نظر صاحب هذا المقام كما غابت أعيان الكواكب عن هذا الناظر بطلوع النير الأعظم الذي هو الشمس فيقول بفناء أعيانها من الوجود وما فنيت في نفس الأمر بل هي على حالها في إمكانها من فلكها على حكمها وسيرها وكلا القولين قد علم من الطائفة ومن أصحاب هذا المقام من يجعل أمر الخلق مع الحق كالقمر مع الشمس في النور الذي يظهر في القمر وليس في القمر نور من حيث ذاته ولا الشمس فيه ولا نورها ولكن البصر كذلك يدركه فالنور الذي في القمر ليس غير الشمس كذلك الوجود الذي للممكنات ليس غير وجود الحق كالصورة في المرآة فما هو الشمس في القمر وما ذلك النور المنبسط ليلا من القمر على الأرض بمغيب نور الشمس غير نور الشمس وهو يضاف إلى القمر كما قيل في كلام الله إنه لقول رسول كريم وقيل في قول الرسول ص إنه كلام الله تعالى إذا تلاه وقول كل تال للقرآن ولكل مقالة وجه من الصحة والكشف يكون في كل ما ذكرناه فأهل الله اختلافهم اتفاق لأنهم يرمون عن قوس واحد فالأمر متردد بين فناء عين وفناء حال ولا جامع في العالم بين الضدين إلا أهل الله خاصة لأن الذي تحققوا به هو الجامع بين الضدين وبه عرف العارفون فهو الأول والآخر والظاهر والباطن من عين واحدة ونسبة واحدة لا من نسبتين مختلفتين ففارقوا المعقول ولم تقيدهم العقول بل هم الإلهيون المحققون حققهم الحق بما أشهدهم فهم وما هم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى فأثبت ونفى وحسبنا الله وكفى فكان الشيخ أبو العباس بن العريف الصنهاجي الإمام في هذا الشأن يقول وإنما يتبين الحق عند اضمحلال الرسم وكان الشيخ أبو مدين يقول لا بد من بقاء رسم العبودية ليقع التلذذ بمشاهدة الربوبية وكان القاسم بن القاسم من شيوخ رسالة القشيري يقول مشاهدة الحق فناء ليس فيها لذة وكل قائل صادق فإنه قد قدمنا قبل هذا في هذا الكتاب إن شخصين لا يجتمعان أبدا في تجل واحد وأن الحق لا يكرر على شخص التجلي في صورة واحدة وقد قدمنا إن تجلياته تختلف لأنها تعم الصور المعنوية والروحانية والملكية والطبيعية والعنصرية ففي أي صورة شاء ظهر كما أنه في أي صورة ما شاء ركبك وفي الطريق في أي صورة ما شاء أقامك فالمراكب مختلفة والراكب واحد فمن تجلى له في الصور المعنوية قال بفناء الرسم ومن تجلى له في الصور الطبيعية والعنصرية قال باللذة في المشاهدة ومن قال بعدم اللذة في المشاهدة كان التجلي له في الصور الروحانية فكل صدق وبما شاهد نطق وأي الشهود أعلى وكلناك في ذلك لذوقك حتى تعلم من ذلك ما علمناه ومن هذا الوصل تعلم المفارق وغير المفارق ومن يفرق ومن لا يفرق وتعلم منه من هو على بينة من ربه وما هي البينة وتعلم أنواع الطهارات لكل موصوف بالطهارة وتعلم الميل المحمود والميل المذموم وتعلم ما يقع به الاشتراك في الدين وما نسخ منه فلم يجتمع فيه رسولان وتعلم من خلق من المخلوقات من شئ موجود ومن خلق لا من شئ موجود ومراتب العالم في ذلك وتعلم أن كل ما طلب الحق من

396

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 396
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست