نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 347
الحق عليه والحق أخبر بسلامه على يحيى فأي مقام أتم فقال لي ألست من أهل القرآن قلت له بلي أنا من أهل القرآن فقال انظر فيما جمع الحق بيني وبين ابن خالتي أليس قد قال الله في ونبيا من الصالحين فعينني في النكرة فقلت له نعم قال ألم يقل في عيسى ابن خالتي إنه من الصالحين كما قال عني فعينه في النكرة ثم قال إن عيسى هذا لما كان كلامه في المهد دلالة على براءة خالتي مما نسب إليها لم يترجم عن الله إلا هو بنفسه فقال والسلام علي يعني من الله قلت له صدقت قلت ولكن سلم بالتعريف وسلام الحق عليك بالتنكير والتنكير أعم فقيل لي ما هو تعريف عين بل هو تعريف جنس فلا فرق بينه بالألف واللام وبين عدمهما فإنا وإياه في السلام على السواء وفي الصلاح كذلك وجاء الصلاح لنا بالبشرى في وفي عيسى بالملائكة فقلت له أفدتني أفادك الله فقلت له فلم كنت حصورا فقال ذلك من أثر همة والدي في استفراغه في مريم البتول والبتول المنقطعة عن الرجال لما دخل عليها المحراب ورأى حالها فأعجبه فدعا الله أن يرزقه ولدا مثلها فخرجت حصورا منقطعا عن النساء فما هي صفة كمال وإنما كانت أثر همة فإن في الانتاج عين الكمال قلت له فنكاح الجنة ما فيه نتاج فقال لا تقل بل هو نتاج ولا بد وولادته نفس تخرج من الزوجة عند الفراغ من الجماع فإن الإنزال ريح كما هو في الدنيا ماء فيخرج ذلك الريح بصورة ما وقع عليه الاجتماع بين الزوجين فمنا من يشهد ذلك ومنا من لا يشهده كما هو الأمر عليه في الدنيا عالم غيب لمن غاب عنه وعالم شهادة في حق من شهده قلت له أفدتني أفادك الله من نعمه العلم به ثم قلت له هذه سماؤك قال لي لا أنا متردد بين عيسى وهارون أكون عند هذا وعند هذا وكذلك عند يوسف وإدريس ع فقلت له فلما ذا خصصت هارون دون غيره من الأنبياء فقال لي لحرمة النسب ما جئت لعيسى إلا لكونه ابن خالتي فأزوره في سمائه وآتي إلى هارون لكون خالتي أختا له دينا ونسبا قلت فما هو أخوها لأن بينهما زمانا طويلا وعالما فقال لي قوله وإلى ثمود أخاهم صالحا ما هذه الأخوة أترى هو أخو ثمود لأبيه وأمه فهو أخوهم فسمى القبيلة باسم ثمود وكان صالح من نسل ثمود فهو أخوهم بلا شك ثم جاء بعد ذلك بالدين ألا ترى أصحاب الأيكة لما لم يكونوا من مدين وكان شعيب من مدين فقال في شعيب أخو مدين وإلى مدين أخاهم شعيبا ولما جاء ذكر أصحاب الأيكة قال إذ قال لهم شعيب ولم يقل أخاهم لأنهم ليسوا من مدين وشعيب من مدين فزيارتي لهما صلة رحم وأنا لعيسى أقرب مني لهارون ثم عرج بي إلى السماء الثالثة إلى يوسف ع فقلت له بعد أن سلمت عليه فرد وسهل بي ورحب يا يوسف لم لم تجب الداعي حين دعاك ورسول الله ص يقول عن نفسه إنه لو ابتلي بمثل ما ابتليت به ودعى لأجاب الداعي ولم يبق في السجن حتى يأتيه الجواب من الملك بما تقول النسوة فقال لي بين الذوق والفرض ما بين السماء والأرض كثير بين أن تفرض الأمر أو تذوقه من نفسك لو نسب إليه ص ما نسب إلي لطلب صحة البراءة في غيبته فإنها أدل على براءته من حضوره ولما كان رحمة كان من عالم السعة والسجن ضيق فإذا جاء لمن حاله هذا سارع إلى الانفراج وهذا فرض فالكلام مع التقدير المفروض ما هو مثل الكلام مع الذائق ألا تراه ص ما ذكر ذلك إلا في معرض نسبة الكمال إلي فيما تحملته من الفرية علي فقال ذلك أدبا معي لكوني أكبر منه بالزمان كما قال في إبراهيم نحن أحق بالشك من إبراهيم فيما شك فيه إبراهيم وكما قال في لوط يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد أتراه أكذبه حاشى لله فإن الركن الشديد الذي أراده لوط هو القبيلة والركن الشديد الذي ذكره رسول الله ص هو الله فهذا تنبيه لك أن لا تجري نفسك فيما لا ذوق لك فيه مجرى من ذاق فلا تقل لو كنت أنا عوض فلان لما قيل له كذا وقال كذا ما كنت أقوله لا والله بل لو نالك ما ناله لقلت ما قاله فإن الحال الأقوى حاكم على الحال الأضعف وقد اجتمع في يوسف وهو رسول الله حالان حال السجن وحال كونه مفترى عليه والرسول يطلب أن يقرر في نفس المرسل إليه ما يقبل به دعاء ربه فيما يدعوه به إليه والذي نسب إليه معلوم عند كل أحد إنه لا يقع من مثل من جاء بدعوته إليهم فلا بد أن يطلب البراءة من ذلك عندهم ليؤمنوا بما جاء به من عند ربه ولم يحضر بنفسه ذلك المجلس حتى لا تدخل الشبهة في نفوس الحاضرين بحضوره وفرق كبير بين من يحضر في مثل هذا الموطن وبين من لا يحضر فإذا كانت المرأة لم تخن يوسف في غيبته لما برأته وأضافت المراودة لنفسها لتعلم إن يوسف
347
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 347