responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 333


الولي حدثني قلبي عن ربي وقد يترجم المترجم عن ألسنة الأحوال وليس من هذا الباب بل ذلك من باب آخر يرجع إلى عين الفهم بالأحوال وهو معلوم عند علماء الرسوم وعلى ذلك يخرجون قوله تعالى وإن من شئ إلا يسبح بحمده يقولون يعني بلسان الحال وكذلك قوله تعالى إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها فجعلوا هذه الإباية والإشفاق حالا لا حقيقة وكذلك قوله عنهما قالتا أتينا طائعين قول حال لا قول خطاب وهذا كله ليس بصحيح ولا مراد في هذه الآيات بل الأمر على ظاهره كما ورد هكذا يدركه أهل الكشف فإذا ترجموا عن الموجودات فإنما يترجمون عما تخاطبهم به لا عن أحوالهم إذ لو نطقوا لقالوا هذا وأصحاب هذا القول انقسموا على قسمين فبعضهم يقول إن كان هذا وأمثاله نطقا حقيقة وكلاما فلا بد أن يخلق في هؤلاء الناطقين حياة وحينئذ يصح أن يكون حقيقة وجائز أن يخلق الله فيهم حياة ولكن لا علم لنا بذلك إن الأمر وقع كما جوزناه أو هو لسان حال فأما أصحاب ذاك القول فكذا وقع في نفس الأمر لأن كل ما سوى الله حي ناطق في نفس الأمر فلا معنى للأحوال مع هذا عند أهل الكشف والوجود وأما القسم الآخر وهم الحكماء فقالوا إن هذا لسان حال ولا بد لأنه من المحال أن يحيا الجماد وهذا قول محجوب بأكثف حجاب فما في العالم إلا مترجم إذا ترجم عن حديث إلهي فافهم ذلك وأما تعيين المراتب لولاة الأمر فهو العلم بما تستحقه كل مرتبة من المصالح التي خلقت لها فينظر صاحب هذا العلم في نفس الشخص الذي يريد أن يوليه ويرفع الميزان بينه وبين المرتبة فإذا رأى الاعتدال في الوزن من غير ترجيح لكفة المرتبة ولاة وإن رجح الوالي فلا يضره وإن رجحت كفة المرتبة عليه لم يوله لأنه ينقص عن علم ما رجحه به فيجور بلا شك وهو أصل الجور في الولاة ومن المحال عندنا إن يعلم ويعدل عن حكم علمه جملة واحدة وهو جائز عند علماء الرسوم وعندنا هذا الجائز ليس بواقع في الوجود وهي مسألة صعبة ولهذا يكون المهدي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يعني الأرض فإن العلم عندنا يقتضي العمل ولا بد وإلا فليس بعلم وإن ظهر بصورة علم والمراتب ثلاثة وهي التي ينفذ فيها حكم الحاكم وهي الدماء والأعراض والأموال فيعلم ما تطلبه كل مرتبة من الحكم الإلهي المشروع وينظر في الناس فمن رأى أنه جمع ما تطلبه تلك المرتبة نظر في مزاج ذلك الجامع فإن رآه يتصرف تحت حكم العلم علم أنه عاقل فولاه وإن رآه يحكم على علمه وأن علمه معه مقهور تحت حكم شهوته وسلطان هواه لم يوله مع علمه بالحكم قال بعض الملوك لبعض جلسائه من أهل الرأي والنظر الصحيح حين استشاره فقال له من ترى إن أولي أمور الناس فقال ول على أمور الناس رجلا عاقلا فإن العاقل يستبرئ لنفسه فإن كان عالما حكم بما علم وإن لم يكن عالما بتلك الواقعة ما حكمها حكم عليه عقله إن يسأل من يدري الحكم الإلهي المشروع في تلك النازلة فإذا عرفه حكم فيها فهذا فائدة العقل فإن كثيرا ممن ينتمي إلى الدين والعلم الرسمي تحكم شهوتهم عليهم والعاقل ليس كذلك فإن العقل يأبى إلا الفضائل فإنه يقيد صاحبه عن التصرف فيما لا ينبغي ولهذا سمي عقلا من العقال وأما الرحمة في الغضب فلا يكون ذلك إلا في الحدود المشروعة والتعزير وما عدا ذلك فغضب ليس فيه من الرحمة شئ ولذلك قال أبو يزيد بطشي أشد لما سمع القارئ يقرأ إن بطش ربك لشديد فإن الإنسان إذا غضب لنفسه فلا يتضمن ذلك الغضب رحمة بوجه وإذا غضب لله فغضبه غضب الله وغضب الله لا يخلص عن رحمة إلهية تشوبه فغضبه في الدنيا ما نصبه من الحدود والتعزيرات وغضبه في الآخرة ما يقيم من الحدود على من يدخل النار فهو وإن كان غضبا فهو تطهير لما شابه من الرحمة في الدنيا والآخرة لأن الرحمة لما سبقت الغضب في الوجود عمت الكون كله ووسعت كل شئ فلما جاء الغضب في الوجود وجد الرحمة قد سبقته ولا بد من وجوده فكان مع الرحمة كالماء مع اللبن إذا شابه وخالطه فلم يخلص الماء من اللبن كذلك لم يخلص الغضب من الرحمة فحكمت على الغضب لأنها صاحبة المحل فينتهي غضب الله في المغضوب عليهم ورحمة الله لا تنتهي فهذا المهدي لا يغضب إلا لله فلا يتعدى في غضبه إقامة حدود الله التي شرعها بخلاف من يغضب لهواه ومخالفة غرضه فمثل هذا الذي يغضب لله لا يمكن أن يكون إلا عادلا ومقسطا لا جائرا ولا قاسطا وعلامة من يدعي هذا المقام إذا غضب لله وكان حاكما وأقام الحد على المغضوب عليه يزول عنه الغضب على ذلك الشخص عند الفراغ منه

333

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 333
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست