نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 298
الله للخلفاء من الناس ولما قسم الله الفلك الأطلس الذي هو فلك البروج وهو قوله والسماء ذات البروج على اثني عشر قسما وأوحى الله تعالى في سماء البروج أمرها فلكل برج فيها أمر يتميز به عن غيره من البروج وجعل الله لهذه البروج أثرا من أمر الله الموحى به فيها فيما دون هذه السماء من عالم التركيب والإنسان من حيث جسمه وطبيعته من عالم التركيب وهو زبدة مخض الطبيعة التي ظهرت بتحريك الأفلاك فهو المخضة التي ليس في اللبن ألطف منها بل هي روح اللبن إذا خرج منه بقي العالم مثل النخالة فهو فيه لا فيه فإنه متميز عنه بالقوة وهو منه فإن الإنسان ما خرج من العالم وإن كان زبد مخضة العالم إذ لو انفصل عنه ما بقي العالم يساوي شيئا مثل اللبن إذا خرج عنه الزبد استحال وقل ثمنه وزال خيره الذي كان المطلوب منه ومن أجل تلك الزبدة كان يستعمل اللبن ويعظم قدره فلما قضى الله أن يكون لهذه البروج أثر في العالم الذي تحت حيطة سماء هذه البروج جعل الله في نشأة هذا الإنسان اثني عشر قابلا يقبل بها هذه الآثار فيظهر الإنسان الكامل بها وليس ذلك للإنسان الحيوان وإن كان أتم في قبول هذه الآثار من سائر الحيوان ولكنه ناقص بالنظر إلى قبول الإنسان الكامل فمن الاثني عشر لصوقها بالعالم حين حذيت عليه ولصوقها بحضرة الأسماء الإلهية وبه صح الكمال لهذه النفس وهذه المجاورة على ثلاث مراتب منها مرتبة الاختصاص وهي في الإنسان الحيوان بما هو محصل لحقائق العالم وهي في الكامل كذلك وبما اختص به من الأسماء الإلهية حين انطلقت عليه بحكم المطابقة للحذو الإلهي الاعتنائي ولكونه ظلا ولا شئ ألصق من الظل بمن هو عنه والمرتبة الثانية من المجاورة مرتبة الشيئية الرابطة بين الأمرين وهي الأدوات التي بها يظهر عن الإنسان ما يتكون عنه فيشترك الإنسان الحيوان مع الكامل في الأدوات الصناعية التي بها يتوصل إلى مصنوع ما مما يفعل بالأيدي ويزيد الكامل عليه بالفعل بالهمة فأدواته همته وهي له بمنزلة الإرادة الإلهية إذا توجهت على إيجاد شئ فمن المحال أن لا يكون ذلك الشئ المراد والمرتبة الثالثة الاتصال بالحق فيفني عن نفسه بهذا الاتصال فيظهر الحق حتى يكون سمعه وبصره وهذا المسمى علم الذوق فإنه لا يكون الحق شيئا من هذه الأدوات حتى تحترق بوجوده فيكون هو لا هي وقد ذقنا ذلك ووجدت الحرق حسا في ذكري لله بالله فكان هو ولم أكن أنا فأحسست بالحرق في لساني وتألمت لذلك الحرق تألما حسيا حيوانيا لحرق حسي قام بالعضو فكنت ذاكرا الله بالله في تلك الحالة ست ساعات أو نحوها ثم أنبت الله لي لساني فذكرته بالحضور معه لا به وهكذا جميع القوي لا يكون الحق شيئا منها حتى يحرق تلك القوة وجوده فيكون هو أي قوة كانت وهو قوله كنت سمعه وبصره ولسانه ويده ومن لم يشاهد الحرق في قواه ويحسه وإلا فلا ذوق له وإنما ذلك توهم منه وهذا معنى قوله في الحجب الإلهية لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه فأي قوة أراد الحق إحراقها من عبده حتى يحصل له العلم بالأمر من طريق الذوق برفع الحجاب الذي بين الإنسان من حيث تلك القوة وبين الحق فتحترق بنور الوجه فيسد بنفسه خلل تلك القوة فإن كان سمعه كان الحق سمعه في هذه الحالة وإن كان بصره فكذلك وإن كان لسانه فكذلك ولنا في هذا المعنى ألا إن ذكر الله بالله يحرق * وحكمي بهذا فيه حكم محقق فإني ورب الواردات طعمته * فحكمي عليه أنه الحق يصدق ولذلك قال الحق في الحديث الصحيح كنت سمعه وبصره فجعل كينونته سمع عبد منعوت بوصف خاص وهذا أعظم اتصال يكون من الله بالعبد حيث يزيل قوة من قواه ويقوم بكينونته في العبد مقام ما أزال على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تكييف ولا حصر ولا إحاطة ولا حلول ولا بدلية والأمر على ما قلناه وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين واسئل القرية يعني الجماعة التي كنا فيها يعني أهل الله المنعوتين بهذه الطريقة من عباد الله الذين قاموا بنوافل الخيرات وداوموا عليها وأقبلوا إلى الله بها والله يؤيدنا بالعصمة في الاعتقاد والقول والعمل إنه ولي الرحمة الأثر الثاني من الاثني عشر إن المثلين اللغويين لا يلزم من وصف كل واحد منهما بالمثلية لصاحبه المماثل له الاشتراك في صفات النفس لأن المثلية لغوية وعقلية فالعقلية هي التي يشترك بها في صفات النفس واللغوية بأدنى شبه بأمر ما يكون مثلا له في ذلك الأمر فيكون للمثل حكم مثله من حيث ما هو مثله فيه وقابل له وما ثم بين العبد الإنساني
298
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 298