responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 284


ما أنزله الله وجهل الحقائق فلا بد للنائب إذا تكلم أن يضاف إليه الكلام على ما قلناه وأن يكون هذا النائب يفصل بذاته بين كل حرفين وكلمتين لتوجد الثانية وتتعلق بها الأولى حتى ينتظم به ما يريد إظهاره للمصلحة التي يعلمها فدل بكلامه على ما في نفسه وما كل من سمع بسمعه عقل جميع ما أراده المتكلم أو بعضه إلا من نور الله بصيرته ولهذا قد يكون حظ السامع من كلام المتكلم ترتيب حروفه من غير أن يعقل ما أراده المتكلم بما تكلم به ويظهر ذلك في السامع إذا كان المتكلم يكلمه بغير لحنه ولغته فإنه لا يفهم منه سوى ما يتعلق به سمعه من ترتيب حروفه فهو التعلق العام من كل سامع ولكن لا يعلم ما أريدت له هذه الكلمات كذلك العالم كله لا يعرف من الموجودات التي هي كلمات الله إلا وجود أعيانها خاصة ولا يعلم ما أريدت له هذه الموجودات إلا أهل الفهم عن الله والفهم أمر زائد على كونه مسموعا فكما ينوب العبد الكامل الناطق عن الله في إيجاد ما يتكلم به بالفصل بين كلماته إذ لولا وجوده هناك لم يصح وجود عين الكلمة والحرف كذلك ينوب أيضا في الفهم في ذلك مناب الحق في قوله ولنبلونكم حتى نعلم فوصف نفسه بأنه يبلو ليعلم في المستأنف وهذه كلها نيابة أحدية لا نيابة غير الأحدية من حيث إن لها القيومية على أعيان الموجودات بما هي الموجودات عليه من الكسب إذ هو القائم على كل نفس بما كسبت وكل نفس بما كسبت رهينة أي قيدها كسبها فلو لا الحق ما تميزت الموجودات بعضها عن بعض ولكان الأمر عينا واحدا كما هو من وجه آخر مثال ذلك إن الإنسان من حيث حده الشامل لآحاده واحد العين فإن الآحاد كلها عين واحدة من حيث إنسانيتها مع علمنا بأن زيدا ما هو عين عمرو ولا عين غيره من أشخاص الأناسي فعين تمييز الحق لها وجودها وعين تمييز بعضها عن بعض فلأنفسها ولذلك لم تزد كلمة الحضرة في كل كائن عنها على كلمة كن شيئا آخر بل انسحب على كل كائن عين كن لا غير فلو وقفنا مع كن لم نر إلا عينا واحدة وإنما وقفنا مع أثر هذه الكلمة وهي المكونات فكثرت وتعددت وتميزت بأشخاصها فلما اجتمعت في عين حدها علمنا إن هذه الحقيقة وجدت كلمة الحق فيها وهي كلمة كن وكن أمر وجودي لا يعلم منه إلا الإيجاد والوجود ولهذا لا يقال للموجود كن عدما ولا يقال له كن معدوما لاستحالة ذلك فالعدم نفسي لبعض الموجودات ولبعضها تابع لعدم شرطه المصحح لوجوده وبهذه الحقيقة كان الله خلاقا دائما وحافظا دائما ولو كان على ما يذكره مخالفو أهل الحق القائلون ببقاء الأعراض لم يصح أن يكون الحق خلاقا دائما ولا حافظا على بعض الموجودات وجودها وإذا لم يزل خالقا دائما فلا يزال مع كل مخلوق هو معكم أينما كنتم وكنتم أمر وجودي بلا شك فلا شئ أدق من نيابة الفصل بين الكلمات لمن يعرف ما ذكرناه وأما النيابة السابعة فهي النيابة في الأفعال الظاهرة والباطنة في وجود الإنسان وهو ما يحدثه في نفسه من الأفعال والكوائن لا ما يحدثه في غيره وآيته من كتاب الله قوله تعالى حتى نعلم والعلم صفة له قديمة وهذا العلم الخاص الظاهر عن الابتلاء هو ما يريده بالنيابة فيه هنا فقال تعالى عن نفسه إنه يجيب الداعي إذا دعاه وأن بيده ملكوت كل شئ فوصف نفسه بأنه قاهر لكل شئ في هذه الآية فإذا ادعينا نحن الصبر على ما يكلفنا به وحمل المشقة في ذلك طاعة لله فدعوناه ثم نظرنا أثر ذلك في قلوبنا فوجدنا أنه إذا عم الدعاء ذاتنا كلها بحيث إنه لا يبقى فينا جزء له التفاتة إلى الغير حصلت الإجابة بلا شك على الفور من غير تأخير فعلمنا بهذا الاختبار صدق توجهنا لأنا قد علمنا صدقه فيما أخبر به عن نفسه ولولا مراعاة الأدب الإلهي لكان قولنا بلوناه بما دعوناه به حتى نعلم قوله أجيب دعوة الداع إذا دعاني فإنها كلمة دعوى حتى تكون النيابة صحيحة في قوله ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ثم طردنا ذلك في حق كل مدع دعوى من صادق وكاذب فنبنا عنه سبحانه في الاختبار والابتلاء فإن كان صاحب دعوى صادقة كالرسل ومن صدق في دعواه فإنه يقيم الدلالة على صدقه بما بلوناه به من طلب الدلالة كانت الدلالة ما كانت كما بلونا به الكاذب لما ادعى ما ليس له فلم يقم بوجود ما بلوناه به فقال له النائب إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب وهو أمر إمكاني فبهت الذي كفر وقامت الحجة عليه فالابتلاء أصله الدعوى فمن لا دعوى له لا ابتلاء يتوجه عليه ولهذا ما كلفنا الله حتى قال لنا ألست بربكم فقلنا بلي فأقررنا بربوبيته علينا وإقرارنا بربوبيته علينا عين إقرارنا بعبوديتنا له والعبودية بذاتها تطلب طاعة السيد فلما ادعينا ذلك حينئذ كلفنا ليبتلي

284

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست