responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 282


الحدود التي نصبها في الدنيا وحيث كانت إنما هي للتطهير وكذلك الآلام والأمراض وكل ما يؤدي إلى ذلك كل ذلك للتطهير ورفع الدرجات وتكفير السيئات فلما خلق الإنسان الكامل وخلفاءه من الأناسي على أكمل صورة وما ثم كمال إلا صورته تعالى فأخبر إن آدم خلقه على صورته ليشهد فيعرف من طريق الشهود فأبطن في صورته الظاهرة أسماءه سبحانه التي خلع عليه حقائقها ووصفه بجميع ما وصف به نفسه ونفى عنه المثلية فلا يماثل وهو قوله ليس كمثله شئ من العالم أي ليس مثل مثله شئ من العالم ولم يكن مثلا إلا بالصورة فاعترضت الملائكة لنشأة آدم من الطبيعة لما تحمله الصورة من الأضداد ولا سيما وقد جعل وجود آدم من العناصر فهو إلهي طبيعي عنصري فلم تشاهد الأسماء الإلهية التي هي أحكام هذه الصورة وهي كون الحق سمعه وبصره وجميع قواه فلو شهدت ذلك ما اعترضت فأدبها الله بما ذكر ثم نظر العقل بآيات الآفاق وغاص بفكره في تلك الآيات الآفاقية بمشاهدة التنزيه دون التشبيه الذي أعطته المماثلة بالصورة فلما أسمعه الحق الخطاب أعني أسمع العقل المركب في الإنسان الحيواني لا في الإنسان الكامل فإن الإنسان الكامل بنفسه عرفه والإنسان الحيواني عرفه بعقله بعد ما استعمل آلة فكره فلا الملك عرف الإنسان الكامل لأنه ما شاهده من جميع وجوهه ولا الإنسان الحيواني عرفه بعقله من جميع وجوهه فكلما قام له شهود في نفسه من حيث لم يشعر إنه شهود أثر الحق رده ونزه الحق عنه فإذا ورد عليه خبر إلهي يعطي ما أعطاه الخيال الفاسد عنده تأول ذلك الخبر على طريق يفضي به إلى التنزيه خاصة فحده من حيث لم يشعر وما أطلقه فجهل الكل الإنسان الكامل فجهلوا الحق فما عرف الحق إلا الإنسان الكامل ولهذا وصفته الأنبياء بما شهدوه وأنزل عليهم بصفات المخلوقين لوجود الكمال الذي هو عليه الحق وما وصل إلى هذه المعرفة بالله لا ملك ولا عقل إنسان حيواني فإن الله حجب الجميع عنه وما ظهر إلا للإنسان الكامل الذي هو ظله الممدود وعرشه المحدود وبيته المقصود الموصوف بكمال الوجود فلا أكمل منه لأنه لا أكمل من الحق تعالى فعلمه الإنسان الكامل من حيث عقله وشهوده فجمع بين العلم البصري الكشفي وبين العلم العقلي الفكري فمن رأى أو من علم الإنسان الكامل الذي هو نائب الحق فقد علم من استنابه واستخلفه فإنه بصورته ظهر وأمرنا بالطاعة لأولي الأمر كما أمرنا بالطاعة لله ولرسوله وأن لا نخرج يدا من طاعة فنموت ميتة جاهلية والجهل أشد ما على الإنسان فلو لم ينصب سبحانه وتعالى الإنسان الكامل لتتحقق المعرفة بالله من حيث ما هو إله في الوجود الحادث معرفة كمال وهي المعرفة التي طلبت منا لظهر بنفسه وذاته إلى خلقه حتى يعرفه على المشاهدة والكشف فلا ينكر وما أنكره من أنكره في الآخرة أو حيث وقع الإنكار إلا لما تقدمهم النظر العقلي وقيدوا الحق فلما لم يروا ما قيدوه به من الصفات عند ذلك أنكروه ألا تراهم إذا تجلى لهم بالعلامة التي قيدوه بها عند ذلك يقرون له بالربوبية فلو تجلى لهم ابتداء قبل هذا التقييد لما أنكره أحد من خلقه فإنه بتجليه ابتداء يكون دليلا على نفسه فلهذا قلنا في الإنسان الكامل إنه نائب عن الحق في الظهور للخلق لحصول المعرفة به على الكمال الذي تطلبه الصورة الإلهية والله من حيث ذاته غني عن العالمين والإنسان الكامل بوجوده وكمال صورته غني عن الدلالة عليه لأن وجوده عين دلالته على نفسه فالكشف أتم المعارف وإن لم يتكرر التجلي فإن المتجلي واحد معلوم فإن الإنسان يعلم نفسه أنه يتقلب في أحواله وخواطره وأفعاله وأسراره كلها في صور مختلفة ومع هذا التقليب والتحول يعلم عينه ونفسه وأن هويته هي هي ما زالت مع ما هو عليه من التقليب فهكذا هي صورة التجلي وإن كثرت ولم تتكرر فإن العلم بالمتجلي في هذه الصور واحد العين غير مجهول فلا تحجبه التكيفات عنه فهذه هي النيابة الرابعة قد وفيناها حقها ولا يعرف ما ذكرناه إلا من كان زنيما ذا مال فإنه بصورته دخل في الألوهة وليس بإله فكان زنيما والمال يوجب الغني فله صفة الغني بما هو عليه من الصورة فاعلم ذلك وأما النيابة الخامسة فهي نيابة الإنسان عن رفيع الدرجات في العالم لا غير وصورة رفعه أن الإنسان الكامل من حيث إنه ليس أحد معه في درجته لأنه ما حاز الصورة الإلهية غيره فدرجته رفيعة عن النيل فلا يعرفه إلا الله ولا يعرف الله إلا الإنسان الكامل فهو مجلاه ولما ارتفعت درجته بالإحاطة وحصول الكل لم يتمكن للجزء أن يعرفه إذ لا معرفة للجزء بالكل لأن الشئ لا يعرف إلا نفسه ولا يعرف شيئا إلا من نفسه وما للجزء صفة الكل فاستحال إن يعرف أحد الإنسان الكامل لأنه ليست له

282

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 282
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست