responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 258


ما شهدوه ولا جحدوا ما تيقنوه فأسمعهم الله نطق الموجودات لا بل نطق الممكنات قبل وجودها فإنها حية ناطقة دراكة بحياة ثبوتية ونطق ثبوتي وإدراك ثبوتي إذ كانت في أنفسها أشياء ثبوتية فلما قبلت شيئية الوجود قبلتها بجميع نعوتها وصفاتها وليس نعتها سوى عينها فهي في حال شيئية وجودها حية بحياة وجودية ناطقة بنطق وجودي دراكة بإدراك وجودي إلا إن الله سبحانه أخذ بأبصار بعض عباده عن إدراك هذه الحياة السارية والنطق والإدراك الساري في جميع الموجودات كما أخذ الله ببصائر أهل العقول والأفكار عن إدراك ما ذكرناه في جميع الموجودات وفي جميع الممكنات وأهل الكشف والايمان على علم مما هو الأمر عليه في هذه الأعيان في حال عدمها ووجودها فمن ظهرت حياته سمي حيا ومن بطنت حياته فلم تظهر لكل عين سمي نباتا وجمادا فانقسم عند المحجوبين الأمر وعند أهل الكشف والايمان لم ينقسم فأما صاحب الكشف والشهود أهل الاختصاص فقد أعطاهم الشهود وما أعطى المحجوبين شهودهم فيقول أهل الشهود سمعنا ورأينا ويقول المحجوبون ما سمعنا ولا رأينا ويقول أهل الايمان آمنا وصدقنا قال تعالى وإن من شئ إلا يسبح بحمده وشئ نكرة وقال ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب فذكر الجماد والنبات والحيوان الذين وقع فيهم الخلاف بين المحجوبين من أهل العقول والأفكار وبين أهل الشهود والايمان وقال تعالى ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة وقال ويسبح الرعد بحمده وقال ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال وقال قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها وقال وعلمنا منطق الطير وقال عن الهدهد إنه قال لسليمان إني أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله فانظر فيما أعطى الله هذا الهدهد من العلم بالله فيما ذكره وقال تعالى أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ثم أخبر أن طائفة من العباد لا توقن بذلك وتخرجه بالتأويل عن ظاهره فقال إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون أي لا يستقر الايمان بالآيات التي هذه الآية منها في قلوبهم بل يقبلون ذلك إيمانا وطائفة منهم تتأول ذلك على غير وجهه الذي قصد له وقال ص يشهد للمؤذن مدي صوته من رطب ويابس وقال في أحد هذا جبل يحبنا ونحبه وقال إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل إن أبعث ثم إنه قد صح أن الحصى سبح في كفه وصح حنين الجذع إليه الذي كان يستند إليه إذا خطب الناس قبل أن يعمل له المنبر فلما صنع له المنبر تركه فحن إليه فنزل من منبره وأتاه فلمسه بيده حتى سكن وصح أن كتف الشاة المسموم كلمه وقال ص لا تقوم الساعة حتى تكلم الرجل عذبة سوطه وتخبره فخذه بما فعل أهله بعده وثبت عنه في قتل اليهود في آخر الزمان إذا استتر اليهود خلف الشجر يقول الشجر يا مسلم هذا يهودي خلفي أقتله إلا شجرة الغرقد فإنها ملعونة لا تنبه على من يستتر بها من اليهود وهنا سر إلهي عجيب يعلم أن من الأشجار من راعى حق من استجار به اعتمادا من تلك الشجرة على رحمة الله ووفاء لحق الجوار وهو من الصفات المحمودة في كل طائفة وفي كل ملة وقال رسول الله ص لابنة عمه أم هانئ قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ وكان مشركا واليهود أهل كتاب على كل حال فهم أولى بأن يوفى لهم بحق الجوار وكان هذا من الله في حق هذه الشجرة التي استجار بها اليهود فسترتهم ليتحقق عندنا قوله يختص برحمته من يشاء فجاء بلفظة من وهي نكرة فدخل تحتها كل شئ لأن كل شئ حي ناطق فيدخل تحت قوله من لأن بعض النحاة يعتقدون أن لفظة من لا تقع إلا على من يعقل وكل شئ يسبح بحمد الله ولا يسبح إلا من يعقل من يسبحه ويثني عليه بما يستحقه فمن تقع على كل شئ إذ كل شئ يعقل عن الله ما يسبحه به فالله تعالى يرزقنا الايمان إذا لم نكن من أهل العيان والكشف والشهود لهذه الأمور التي أعمى الله عنها أهل العقول الذين تعبدتهم أفكارهم وغير المؤمنين الذين طمس الله على قلوبهم فمن علم إن كل شئ ناطق ناظر إلى ربه لزمه الحياء

258

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 258
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست