responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 254


إما لسبب يوقظه وإما لاستيفاء العين حقها في تلك النومة الخاصة من أجل المزاج الذي يكون عليه فإنه لا يستوي مزاج المتعوب ومزاج المستريح فالمتعوب يطلب من الراحة ما يزيل به ذلك التعب فيستغرقه النوم ويطول لأنه يحب استيفاء الراحة فلا يوقظه قبل الاستيفاء إلا أحد ثلاثة أشياء أو كلها أو بعضها على حسب ما يقع إما بأمر مزعج يراه في نومه أو يوقظه أحد من المتيقظين قصدا أو صيحة عظيمة أو حركة أو ما كان من هذه الأسباب في عالم الحس مقصودا لانتباهه أو غير مقصود بل يقع بالاتفاق والأمر الثالث أن تكون النفس متعلقة الخاطر بقضاء شغل ما تحب أن تفعله فتنام على ذلك الخاطر وهو متعلق بذلك الأمر فيزعجه فينتبه قبل استيفاء حقه من النوم وليس المقصود مما ذكرناه إلا تعريفك بأن العالم لا يخلو في كل نفس من الاستحالة ولولا إن عين الجوهر من الذي يقبل هذه الاستحالة في نفسه واحد ثابت لا يستحيل من حيث جوهره ما علم حين يستحيل إلى أمر ما ما كان عليه من الحال قبل تلك الاستحالة غير إن الاستحالات قد يخفى بعضها ويدق وبعضها يكون ظاهرا تحس به النفس كاستحالة خواطرها وحركاتها الظاهرة وأحوالها وتدق وتخفى كاستحالتها في علومها وقواها وألوان المتلونات بتجديد أمثالها فهي لا تدرك ذلك الأمر إلا من كان من أهل الكشف فإنه يدرك ذلك وأزال عنه الكشف ذلك اللبس الذي أعمى غيره عن إدراك هذا الأمر فإن قلت فهذه الصورة التي يستحيل إليها جواهر العالم ما هي قلنا الممكنات ليس غيرها هي في شيئية ثبوتها وهي قوله تعالى إنما قولنا لشئ إذا أردناه فإذا ظهر عن قوله كن ليس شيئية الوجود وهو قوله وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا أي قدرتك أي ما كانت لك شيئية الوجود وهي على الحقيقة شيئية الظهور ظهور لعينه وإن كان في شيئية ثبوته ظاهرا متميزا عن غيره بحقيقته ولكن لربه لا لنفسه فما ظهر لنفسه إلا بعد تعلق الأمر الإلهي من قوله كن بظهوره فاكتسب ظهوره لنفسه فعرف نفسه وشاهد عينه فاستحال من شيئية ثبوته إلى شيئية وجوده وإن شئت قلت استحال في نفسه من كونه لم يكن ظاهرا لنفسه إلى حالة ظهر بها لنفسه بتقدير العزيز العليم فالعالم كله طالع غارب وفلك دائر ونجم سابح ظاهر بين طلوع وغروب عن وحي إلهي وهو ما يتوجه عليه من أمر بظهور وخفاء ووحي نفسي وهو ما يطلبه منه الحق وما يطلب من الحق تعالى فيوحي إلى الحق كما أوحى الحق إليه فيعمل الحق بما أوحى إليه عبده وقتا وقد لا يعمل وقتا كما إن العبد إذا أوحى الحق إليه فأمره بشئ يعمله أو يتركه فيطيعه وقتا ويعصيه وقتا فظهر الحق للمكلف بصورته في العطاء والإباية فما رأى العبد في الحق إلا صورته فلا يلومن إلا نفسه إذا دعا الحق في أمر فلم يجبه ألا ترى إلى الملائكة لما لم يعصوا الله تعالى فيما دعاهم إليه من فعل كما أخبر عنهم ما دعوه في شئ إلا أجابهم لأنهم ليسوا على صورة منع مما دعاهم الحق إليه والعالم لا يشهد من الحق إلا صورة ما هو عليه ولذلك قال ص فيمن يقول آمين بعد قراءة الفاتحة من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له لأن تأمين الملائكة مقبول عند الله مجاب فوافق زمان الإجابة للملائكة فحصلت له الإجابة بحكم التبعية إلا أن يكون وقته وقت إجابة له جزاء لما امتثل من أمر الحق في وقت ما والأصل في العالم قبول الأمر الإلهي في التكوين والعصيان أمر عارض عرض له نسبي وفي الحقيقة ما عصى الله أحد ولا أطاعه بل الأمر كله لله وهو قوله وإليه يرجع الأمر كله فأفعال العباد خلق لله والعبد محل لذلك الخلق فالعالم كله محصور في ثلاثة أسرار جوهره وصوره والاستحالة وما ثم أمر رابع فإن قلت فمن أين ظهر حكم الاستحالة في العالم من الحقائق الإلهية قلنا إن الحق وصف نفسه بأنه كل يوم هو في شأن والشؤون مختلفة ووصف نفسه بالفرح بتوبة عبده ولم يفرح بها قبل كونها وكذلك قوله ص إن الله لا يمل حتى تملوا وذكر عنه العارفون به وهم الرسل ع إن الله تعالى يغضب يوم القيامة غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله كما يليق بجلاله فقد نعتوه بأنه كان على حالة قبل هذا الغضب لم يكن فيها منعوتا بهذا الغضب وقد ورد في الصحيح تحوله في الصور يوم القيامة إذا تجلى لعباده والتحول هو عين الاستحالة ليس غيرها في الظهور ولولا ذلك ما صح للعالم ابتداء في الخلق وكان العالم مساوقا لله في الوجود وهذا ليس بصحيح في نفس الأمر فكما قبل تعالى الظهور لعباده في صور مختلفة كذلك أيضا لم يخلق ثم خلق فكان موصوفا في الأزل بأنه عالم قادر أي متمكن من إيجاد الممكن لكن له أن يظهر في صورة إيجاده وأن لا يظهر فظهر في إيجاد صورة الممكن لما شاء ولا فرق بين الممكنات في النسبة إليه سبحانه ونحن نعلم أن زيدا ما

254

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 254
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست