responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 233


ثم الحجاب الآخر في جهلهم بنفوسهم وبما فيهم إن العقل والفكر ما حصل لهم من الحق بتعمل ولا اكتساب بل بوهب إلهي وهم به فرحون فهلا كان فرحهم بما وهبهم الحق من العلم بنور الايمان أعظم من فرحهم بما نالوه من جهة الفكر ثم إنهم من جهلهم وحجابهم إنهم يشهدون في أوقات في علم ما اتخذوه بالفكر شبها تدخل عليهم فيه فتزيله من أيديهم أو تحيرهم فيه فيغتمون لذلك الغم الشديد ويعملون فكرهم في أمر من أنواع الدلالات إما أن يزيل عنهم تلك الشبهات حتى يعلموا أنها شبهات فيرجعوا إلى ما كانوا عليه بلا مزيد ويخسرون ما يعطيه المزيد الإلهي في كل نفس وإما أن يعطيهم الفكر أن تلك الشبهة ليست بشبهة بل هي دليل أعطاهم العلم بضد ما كانوا عليه وأين الأمر الذي كانوا عليه فيفرحون به ويقولون هو علم لم يكن كذلك بل كان شبهة فلو فتح الله عليهم لكانوا في هذا الذي رجعوا إليه تحت إمكان أيضا كما ظهر لهم في حكم الأول الذي رجعوا عنه فلو لم يكن لصاحب الفكر في العلم الإلهي صارف يصرفه عنه إلا هذا لكان فيه كفاية وكلامنا هذا إنما هو في حق المؤمنين من أهل الله وأما من يرى أنه لا يأخذ إلا من الأرواح العلوية وإنها الممدة لهم وإنهم يستنزلونها لتفيدهم وأن جميع ما هم فيه إنما هو منهم كما يرون أن كل ما يحجبهم عن مثل هذا إنما هو نظرهم إلى شهواتهم واشتغالهم بالأمور الطبيعية من أكل وشرب ونكاح وغير ذلك من مثل هذه الأمور فلا كلام لنا معهم فإنهم عبيد أكوان لا عبيد الله ليس لهم من الله رائحة إلا بعلم واحد إنه الأصل من غير تفصيل ولا استرسال واستصحاب وظهور في كل جزء جزء من العالم الأعلى مساحة ومعنى والعالم الأسفل مساحة ومعنى فهم عن هذا كله محجوبون وبه غير قائلين ولما كان الطلسم في أصل الوضع لا يضعه واضعه إلا لخفاء ما يمكن أن يشهد ويحصل أعملت الحيلة في رفع حكم ذلك الطلسم حتى يبدو ما كان يخفيه مما ينتفع به فالإنسان من حيث قيوميته التي يعتقدها في نفسه هو طلسم على نفسه وبتلك القيومية استخدم فكره وجميع قواه لأنه يعتقد أنه رب في ذاته وفي ملكه مالك ثم رأى الحق قد كلفه واستعمله فزاد تحقيقا في قيوميته ولو لم يكن له قيام بما كلفه الحق ما كلفه فيقول باستعمالي لهذه القوي يكون لي الدليل على أني صدقت ربي وهو الصادق فيما كلفني به من استعمالها ولم يتحقق هذا المسكين المواضع التي يستعملها فيها ثم إنهم رأوا أن أشرف ما يكتسبونه بها العلم بذات الله وما ينبغي لها أن تكون عليه فتركوا استعمال قواهم فيما يمكن لهم أن يصلوا إليه واستعملوها فيما لا يمكن الوصول إليه مع تبيين الحق لهم فيما شرع من قول الله ويحذركم الله نفسه أي لا تستعملوا فيها الفكر وقال رسول الله ص لا تتفكروا في ذات الله فعصوا الله ورسوله مع أنهم من أهل الله بالمعصية المقدرة عليهم فلا بد من نفوذ حكمها فيهم فالله يجعلنا ممن عصمه الله أن يستعمل قواه فيما ليس لها التصرف فيه إنه ولي كريم منعم محسان فإذا أراد الله أن يوفقك لرفع حكم هذا الطلسم حتى تشهد ما حجبك عنه وفقك لإزالة قيوميتك بقوميته واستعملك في فقرك وذلك وشهود أصلك واستعمل فكرك في أنك لك موهوب وإنك صادر من عين منته عليك في وجودك وفي تقلبك في أطوار نشأتك المحسوسة والمعنوية وفي إسلامك وإيمانك إلى أن جعلك من أهله واصطنعك لنفسه وحجب غيرك ممن هو مثلك لا ليد لك عليه بل سابق عناية بك ومنة اختصاص فإذا وفقك لمثل هذا النظر وفقك للنظر أيضا في قواك وما بين لك من مصارفها فلم تتعد بها مصرفها الإلهي ووقفت عند حدوده وعرفت قدرك فعرفت قدره وجعلت أمرك كله فيما تصرفت فيه وهبا إلهيا من عين منته ونظرت إليه بنور الايمان الذي وهبك إياه فأشهدك الأمور كما هي عليه في نفسها وكشف لك عن الحق ورزقك اتباعه وكشف لك عن الباطل ورزقك الاجتناب عنه ورأيت جماعة في هذا الكشف من أصحاب الأفكار العقلاء النظار قد أراهم الفكر الحق باطلا فحققوه فاجتنبوا الحق واتبعوا الباطل ولا علم لهم بذلك إذ الباطل في جبلة كل أحد اجتنابه فإذا رأيتهم على ذلك رحمتهم فربما تدعوهم إليه وهم يقذفون بالغيب من مكان بعيد فيجهلونك فيما تدعوهم إليه من الحق كما كان ص يدعو أهل الشرك إلى التوحيد فيقول إذا دعاهم إلى ذلك ودعوه إلى ما هم عليه ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار فيا ولي لا تقل في جوابي إنهم أيضا يقولون له مثل ما قال لهم ليس الأمر كذلك فإنهم

233

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست