نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 212
لا يتخلص لهم إثبات المعلول لعلته التي هي معلولة لعلة أخرى فوقها إلى أن ينتهوا إلى الحق في ذلك الواجب الوجود لذاته الذي هو عندهم علة العلل فلو لا علة العلل ما كان معلول عن علة إذ كل علة دون علة العلل معلولة فالاشتراك ما ارتفع على مذهب هؤلاء وأما ما عدا هؤلاء الأصناف من الطبيعيين والدهريين فغاية ما يؤول إليه أمرهم أن الذي نقول نحن فيه إنه الإله تقول الدهرية فيه إنه الدهر والطبيعيون أنه الطبيعة وهم لا يخلصون الفعل الظاهر منا دون أن يضيفوا ذلك إلى الطبيعة وأصحاب الدهر إلى الدهر فما زال وجود الاشتراك في كل نحلة وملة وما ثم عقل يدل على خلاف هذا ولا خبر إلهي في شريعة تخلص الفعل من جميع الجهات إلى أحد الجانبين فلنقره كما أقره الله على علم الله فيه وما ثم إلا كشف وشرع وعقل وهذه الثلاثة ما خلصت شيئا ولا يخلص أبدا دنيا ولا آخرة جزاء بما كنتم تعملون فالأمر في نفسه والله أعلم ما هو إلا كما وقع ما يقع فيه تخليص لأنه في نفسه غير مخلص إذ لو كان في نفسه مخلصا لا بد إن كان يظهر عليه بعض هذه الطوائف ولا يتمكن لنا أن نقول الكل على خطأ فإن في الكل الشرائع الإلهية ونسبة الخطاء إليها محال وما يخبر بالأشياء على ما هي عليه إلا الله وقد أخبر فما هو الأمر إلا كما أخبر لأن مرجوع الكل إليه فما خلص فهو مخلص وما لم يخلص فما هو في نفسه مخلص فإن الله يقول الحق وهو يهدي السبيل فاتفق الحق والعالم جميعه في هذه المسألة على الاشتراك وهذا هو الشرك الخفي والجلي وموضع الحيرة فلا يرجح فما ثم إلا ما قلناه فإذ قد قررنا في هذه المسألة ما قررناه فلنقل إن الجود الإلهي والغيرة الإلهية اقتضيا أن يقولا ما نبينه إن شاء الله وذلك أن المتكلمين في هذا الشأن على قسمين الواحد أضاف الأفعال كلها إلى الأكوان فقال لسان الغيرة الإلهية كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا أي حادثا وأما القسم الثاني فأضاف الأفعال الحسنة كلها إلى الله وأضاف الأفعال القبيحة إلى الأكوان فقال لسان الجود الإلهي قل كل من عند الله لا تكذيبا لهم بل ثناء جميلا وما ثم من قال إن الأفعال كلها لله ولا للاكون من غير رائحة اشتراك فلهذا حصرناها في قسمين من أجل الطبيعية والدهرية وأما حجب العناية وهي حجب الإشفاق على الخلق من الإحراق فهي الحجب التي تمنع السبحات الوجهية أن تحرق ما أدركه البصر من الخلق وسبب ذلك أن الله قد وضع الدعاوي في الخلق لأن أعيانهم لما اتصفت بالوجود بعد العدم وأن ذلك الوجود كان عن ترجيح المرجح الذي هو واجب الوجود فما أنكره أحد وإن كانت قد تغيرت العبارات عنه باسم طبيعة ودهر وعلة وغير ذلك فهو هو لا غيره فرأوا إن الوجود لها وإن كان مستفادا فإنه لهم حقيقة وإن أعيانهم هم الموجودون بهذا الوجود المستفاد وهذه هي أعيان الحجب التي بين الله وبين خلقه فلو كشفها عموما كما كشفها خصوصا لبعض عباده لأحرقت أنوار ذاته المعبر عنها بسبحات وجهه ما أدركه بصره من أعيان الموجودات أي أن بصره ما كان يدرك من الموجودات سوى وجود الحق ويذهب الكل الذي قررته الدعاوي فيتبين أنه الحق لا غيره فعبر عن هذا الذهاب بالإحراق لما جعلها أنوارا والأنوار لها الإحراق لكنه تعالى أبقى حجب الدعاوي ليتميز أهل الله من غيرهم فلم تزل الممكنات عند أهل الله من حيث أعيانهم موصوفين بالعدم ومن حيث أحكامهم لم يزالوا موصوفين بالوجود وهو الحق كما قال تعالى كنت سمعه وبصره في الخبر الصحيح فأثبت العين للعبد وجعل نفسه عين صفته التي هي عين وجوده عين صفة العبد فعين الممكن ثابتة غير موجودة والصفة موجودة ثابتة وهي عين واحدة ولو تكثرت بنسبها فإنها كثيرة في النسب فهي سمع وبصر وغير هذين إلى جميع ما في العالم من القوي من ملك وبشر وجان ومعدن ونبات وحيوان ومكان وزمان ومحل ومعقول ومحسوس وما ثم إلا هذا ولما قرر الله دعاوى المدعين بإرسال الحجب بينهم وبين ما هو الأمر عليه وشغلهم بالحجب التي بينهم وبينه في الأفعال وضرب الكل بالكل انفرد بخاصته وجعلهم جلساء له عنده بالشهود وفي صورهم المحسوسة بالذكر فهو جليس الذاكرين وهم آخر الطوائف ليس بعدهم أحد له نعت يذكر قال تعالى لما وصفهم ذكرانا وإناثا والذاكرين الله كثيرا والذاكرات فختم بجلسائه وما بعد جلسائه من يقبل صفة إلا صفة بعد عن هذه المجالسة ألا ترى أبا يزيد رحمه الله حين جهل الأسماء الإلهية وما تستحقه من الحقائق كيف صنع لما سمع القارئ يقرأ يوم الجمعة يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا طار الدم من عينيه حتى ضرب المنبر وتأوه وقال هذا عجب كيف يحشر إليه
212
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 212