responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 209


ومنهم من أعطاه أربع قوى وهي الغاية فإن الوجود على التربيع قام من غير مزيد إلا أنه كل قوة تضمن قوى لا يعلم عددها إلا الله وذلك من حيث إن الملائكة أجسام نورية فلهم هذه القوي من حيث أجسامهم فإنهم مركبون كالأجسام الطبيعية فالملك صاحب القوتين على تركيب النبات وصاحب الثلاث على تركيب الحيوان وصاحب الأربع على تركيب الإنسان وانتهت المولدات فانتهت قوى الملائكة والجسم يجمع الكل فله الإحاطة فقبلت الملائكة الأجسام النورية من العماء الذي ظهر فيه الجسم النوري الكل وقبل الشكل والصور وفيه نظهر الأرواح الملكية والعماء لهذا الجسم الكل وما يحمله من الصور والأشكال الإلهية والروحانية بمنزلة الهيولى في الأجسام الطبيعية سواء والتفصيل في ذلك يطول ومن هذا النور الذي فوق الطبيعة تنفخ الأرواح في الأجسام الطبيعية فما تحت الطبيعة إلى العناصر أنوار في ظلال وما تحت العناصر من الأجسام العنصرية أنوار في ظلمة وما فوق الطبيعة من الأجسام النورية أنوار في أنوار وإن شئت أنوار في أنفاس رحمانية وإن شئت أنوار في عماء كيفما شئت عبر إذا عرفت الأمر على ما هو عليه واعلم أن كل روح مما هو تحت العقل الأول صاحب الكلمة فهو ملك وما فوقه فهو روح لا ملك فأما الملائكة فهم ما بين مسخر ومدبر وكلهم رسل الله عن أمر الله حفظة وهم على مراتب ولهم معارج ونزول وصعود دنيا وآخرة فمنهم المسخرون في الدعاء والاستغفار للمؤمنين وآخرون في الاستغفار لمن في الأرض ومنهم المسخرون في مصالح العالم المتعلقة بالدنيا ومنهم المسخرون في مصالح العالم المتعلقة بالآخرة وهذا القدر من العمل الذي هم عليه هو عبادتهم وصلاتهم وأما تسبيحهم فذكر الله في هذه الصلوات التي لهم كالقراءة والذكر لنا في صلاتنا ولا يزال الأمر كذلك إلى الوقت الذي يشاء الله أن تعم الرحمة جميع خلقه التي وسعت كل شئ فإذا عمتهم الرحمة لم يبق لبعض الملائكة الذين كان لهم الاستغفار من عبادتهم إلا التسبيح خاصة وبقيت الملائكة الذين لهم تعلق بأحوالنا في الجنان وحيث كان من كان من الدارين فذلك منهم لا ينقطع وزال عن أولئك اسم الملائكة وبقوا أرواحا لا شغل لهم إلا التسبيح والتمجيد لله تعالى كسائر الأرواح المهيمة والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار فهذا الصنف المذكور هنا هم الصابرون أهل البلاء من البشر وأما الملائكة التي تدخل على أصحاب النعيم الشاكرين فلم يجر لهم ذكر مع أنه لا بد من دخول الملائكة عليهم من كل باب لأن أبواب النعيم كثيرة كما هي أبواب البلاء ومن رأى أن النعم التي أنعم الله بها على عباده في الدنيا ليست بخالصة من البلاء لما وجه عليهم فيها من التكليف بالشكر عليها وهو أعظم البلاء إذ كانت النعم أشد في الحجاب عن الله من الرزايا فدخل أهل النعيم على هذا في قول الملائكة بما صبرتم فنعم عقبى الدار أي حصلتم في دار نعيمها غير مشوب بتكليف ولا طلب حق فلذلك لم يجر ذكر لأحوال الملائكة مع الشاكرين واقتصر على ما جاء به الحق من التعريف وهو الصحيح فإن الدار الدنيا تعطي هذا وهو الذي يقتضيه الكشف الذي لا تلبيس فيه إن جميع من في الدار الدنيا من مبتلى ومنعم عليه له حال الصبر فالصبر أعم من الشكر والبلاء أعم من النعم في هذه الدار وإذا عمت الرحمة وارتفعت الآثار التي تناقض الرحمة ارتفعت نسب الأسماء التي عينتها الآثار لأنها راجعة إلى عين واحدة كما بين تعالى في قوله ولله الأسماء الحسنى وقال قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى والأسماء وضعية وضعتها حقائق الممكنات بما تطلبه فعلى قدر ما تكون عليه من الاستعداد تطلب ما يناسب ذلك من الفيض الإلهي فإذا أعطيته وضعت لكل عين من ذلك أسماء فإذا لم يبق لها استعداد تقبل به الألم والعذاب لم يوجد للألم ولا للعذاب عين لعدم القابل فترتفع نسب الأسماء المختصة بهذه الأحكام لارتفاع القوابل وما كان له من الأسماء حكمان في القابل فإنه يبقى كالغافر وهو الساتر فلم يبق ذنب يطلب الغافر وللغافر حكم الحجاب من كونه حجابا مطلقا فيبقى الغافر وإن زال المذنب فإن الغفر لا بد منه ولولا ذلك لم يكن مزيد ولا خلق جديد والمزيد على الدوام فرفع الستور على الدوام وليس سوى الاسم الغفور بخلاف المنتقم فإن القابل ارتفع فزال هذا الوضع الخاص فاعلم ذلك وفي هذا المنزل من العلوم علم ثناء السماء والأرض والملائكة دون سائر الخلق وما يثنون به على ربهم فإنه لكل عالم ثناء خاص لا يكون لغيره قال تعالى تسبح له السماوات السبع والأرض ثم

209

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست