نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 199
يتقلب فهو صحيح كما نقول بالتمكين في التلوين فلا يزال يتلون وما كل أحد يشعر بذلك ولما علمنا أن من صفة الدهر التحول القلب والله هو الدهر وثبت أنه يتحول في الصور وأنه كل يوم في شأن واليوم قدر النفس فذلك من اسمه الدهر لا من اسم آخر إن عقلت فلو راقب الإنسان قلبه لرأى أنه لا يبقى على حالة واحدة فيعلم إن الأصل لو لم يكن بهذه المثابة لم يكن لهذا التقلب مستند فإنه بين إصبعين من أصابع خالقه وهو الرحمن فتقليب الأصابع للقلب بغير حال الإصبعين لتغير ما يريد أن يقلب القلب فيه فمن عرف نفسه عرف ربه وفي حديث الأصابع بشارة إلهية حيث أضافهما إلى الرحمن فلا يقلبه إلا من رحمة إلى رحمة وإن كان في أنواع التقليب بلاء ففي طيه رحمة غائبة عنه يعرفها الحق فإن الإصبعين أصبعا الرحمن فافهم فإنك إذا علمت ما ذكرناه علمت من هو قلب الوجود الذي يمد عالم صورته التي هو لها قلب وأجزاؤها كلها وإنه هو قلب الجمع وهو ما جمعته هذه الصورة الوجودية من الحقائق الظاهرة والباطنة فلما كان الله كل يوم هو في شأن كان تقليب العالم الذي هو صورة هذا القالب من حال إلى حال مع الأنفاس فلا يثبت العالم قط على حال واحدة زمانا فردا لأن الله خلاق على الدوام ولو بقي العالم على حالة واحدة زمانين لا تصف بالغنى عن الله ولكن الناس في لبس من خلق جديد فسبحان من أعطى أهل الكشف والوجود التنزه في تقليب الأحوال والمشاهدة لمن هو كل يوم في شأن والله هو الدهر فلا فراع لحكم هذا الدهر في العالم الأكبر والأصغر الذي هو الإنسان وهو أحد المعلومات الأربعة التي لها التأثير فالمعلوم الأول لنا الإنسان والمعلوم الثاني العالم الأكبر الذي هو صورة ظاهر العالم الإنساني والإنسان الذي هو قلب هذه الصورة ولا أريد به إلا الكامل صاحب المرتبة وهو المعلوم الثالث والمعلوم الرابع حقيقة الحقائق التي لها الحكم في القدم والحدوث وما ثم معلوم خامس له أثر سوى ما ذكرناه ويتشعب من هذا المنزل شعب الايمان وذلك بضع وسبعون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله وما بينهما من الشعب وهذا المنزل منزل الايمان ومنه ظهر الايمان في قلب المؤمن والخاص به الاسم المؤمن من الأسماء الإلهية فمن هنا شرع المؤمن شعب الايمان وأبانها ومن هذا المنزل أخذت أمة محمد أعمارها فغاية عمر هذه الأمة المحمدية سبعون سنة لا تزيد عليها شيئا فإن زاد فما هو محمدي وإنما هو وارث لمن شاء الله من الأنبياء من آدم إلى خالد بن سنان فيطول عمره طول من ورثه ولهذا قال النبي ص في أعمار أمته إنها ما بين الستين إلى السبعين فجعل السبعين الغاية لعمر أمته فعلمنا أنه ما يريد بأمته إلا المحمديين الذين خصهم الله برتبة ما خص الله بها نبيه من الأحكام والمراتب على جميع الأنبياء إذ كنا خير أمة أخرجت للناس وكل حكم ورتبة كانت لنبي قبله وإن كانت له ووقع له فيها الاشتراك فلم يخلص له وحده وليس له الشرف الكامل إلا بما خلص له دون غيره فأمته مثله فمن كان عند انفصاله عن الدنيا أو في حاله على شرع مشترك من هذه الأمة نسبناه إلى من ظهر به أولا قبل ظهور محمد ص ليظهر الفرق بين الأمرين ولتعرف منزلة الشخصين وإن كان ما أخذه إلا من تقرير محمد ص فإنه من أمته ولكن حكم الاشتراك يتميز عن حكم الاختصاص ومات ص وله ثلاث وستون سنة والذي يزيد على السبعين سنة بالغا ما بلغ وإن كان من أمته وممن حصل له الاختصاص المحمدي كله فإنه لا يقبض حين يقبض إلا في الشرع المشترك وما هو نقص به فإنه قد حصل حكم الاختصاص ولكن خروجه عن السبعين التي جعلها رسول الله ص غالب غاية عمر أمته المقبوضين في الحكم الاختصاصي جعله أن يفرق بينه وبين غيره من الأمة وهذا من العلوم التي لا تدرك بالرأي والقياس وإنما ذلك من علوم الوهب الإلهي وكذا ذكر أن كل واحد من الخلفاء الأربعة ما مات حتى بلغ ثلاثا وستين سنة إثباتا أنهم قبضوا في الاختصاص المحمدي لا في حكم الشرع المشترك فمن هذا المنزل تعين هؤلاء الأربعة من غيرهم وتعينت العشرة أيضا من هذا المنزل الذين هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وسعيد وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح فهذا منزلهم الذي منه عينهم رسول الله ص وشهد لهم بالجنة في مجلس واحد بأسمائهم فإن المشهود لهم بالجنة كثيرون لكن ليس في مجلس واحد ومقيدون بصفة خاصة كالسبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب وعين منهم عكاشة بن محصن ونبه بقوله بغير حساب أي لم يكن ذلك في حسابهم
199
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 199