نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 193
الإطلاق وكذلك هو في قوله تعالى ما عندكم ينفد فجعل لنا عندية وما هي ظرف مكان في حقنا فعجبت من العلماء كيف غفلوا عن تحقيق هذه العندية التي اتصف بها الحق والإنسان ثم إن الله جعل عنديته ظرفا لخزائن الأشياء ومعلوم أنه يخلق الأشياء ويخرجها من العدم إلى الوجود وهذه الإضافة تقضي بأنه يخرجها من الخزائن التي عنده فهو يخرجها من وجود لم تدركه إلى وجود ندركه فما خلصت الأشياء إلى العدم الصرف بل ظاهر الأمر إن عدمها من العدم الإضافي فإن الأشياء في حال عدمها مشهودة له يميزها بأعيانها مفصلة بعضها عن بعض ما عنده فيها إجمال فخزائنها أعني خزائن الأشياء التي هي أوعيتها المخزونة فيها إنما هي إمكانات الأشياء ليس غير ذلك لأن الأشياء لا وجود لها في أعيانها بل لها الثبوت والذي استفادته من الحق الوجود العيني فتفصلت للناظرين ولا نفسها بوجود أعيانها ولم تزل مفصلة عند الله تفصيلا ثبوتيا ثم لما ظهرت في أعيانها وأنزلها الحق من عنده أنزلها في خزائنها فإن الإمكان ما فارقها حكمه فلو لا ما هي في خزائنها ما حكمت عليها الخزائن فلما كان الإمكان لا يفارقها طرفة عين ولا يصح خروجها منه لم يزل المرجح معها لأنه لا بد أن تتصف بأحد الممكنين من وجود وعدم فما زالت هي والخزائن عند الله إذا المرجح لا يفارق ترجيح أحد الممكنين على هذه الأشياء فما لها خروج من خزائن إمكانها وإنما الحق سبحانه فتح أبواب هذه الخزائن حتى نظرنا إليها ونظرت إلينا ونحن فيها وخارجون عنها كما كان آدم خارجا عن قبضة الحق وهو فيه قبضة الحق يرى نفسه في الموطنين فمن رأى الأشياء ولم ير الخزائن ولا رأى الله الذي عنده هذه الخزائن فما رأى الأشياء قط فإن الأشياء لم تفارق خزائنها وخزائنها لم تفارق عندية الله والضمائر والعندية الإلهية لم تفارق ذاته فمن شهد واحدا من هذه الأمور فقد شهد المجموع عندية الحق عين ذاته * فيها لأشيائه خزائن ينزل منها الذي يراه * فهي لما يحتويه صائن إنزاله لم يزله عنها * لأنه أعين الكوائن عندية ظرفها نزيه * ما هي عندية الأماكن ودهرها الله لا زمان * والدهر ظرف لكل ساكن يملكه بالسكون فيه * مسكنه أشرف المساكن ليس لها نقلة بلا هو * فهي كملزومه تعاين ما صفته من دقيق معنى وما أنا للغريم ضامن فما في الكون إن كنت عالما أحدية إلا أحدية المجموع لأنه لم بزل إلها ولا يزال إلها وما تجدد عليه حكم لم يكن عليه ولا حدث اسم لم يكن تسمى به فإنه المسمى نفسه ولا قام به نعت لم يكن قبل ذلك منعوتا به بل له الأمر من قبل ومن بعد فهو ذو الأسماء الحسنى والصفات العلياء والإله الذي لم يزل في العماء والرحمن الذي وصف نفسه بالاستواء والرب الذي ينزل كل ليلة في الثلث الباقي من الليل إلى السماء وهو معنا أيتما كنا وما يكون من نجوى عدد معين إلا وهو مشفع ذلك العدد أو موتره فهو رابع الثلاثة وسادس الخمسة وأكثر من ذلك وأدنى فهل رأيت أو هل جاءك من الحق في وحيه إلا أحدية المجموع لأنه ما جاء إلا إله واحد ولا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور وأنت تعلم أن كنت من أهل الفهم عن الله أن هذه الأسماء وإن ترادفت على مسمى واحد من حيث ذاته فإنا نعلم أنها تدل على معان مختلفة قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى فما ندعو إلا إلها واحدا له هذه الأسماء المختلفة الحقائق والمدلولات ولم تزل له هذه الأسماء أزلا وهذه هي الخزائن الإلهية التي فيها خزائن الإمكانات المخزونة فيها الأشياء فقابل الجمع بالجمع والكثرة بالكثرة والعدد بالعدد مع أحدية العين فذلك أحدية الجمع وكل مصل يناجي ربه في خلوته معه وإن الله واضع كنفه عليه فهو المطلق المقيد العام في الخصوص الخاص في العموم واعلم أن الله جعل لنا موطنين في التصفيف لم يجعل ذلك لغيرنا من المخلوقين صف في موطن الصلاة وصف في موطن الجهاد فقال إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا
193
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 193