responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 183


تنافر فدل على خيرية الأصل ثم قبولها بعد التعديل والتسوية لنفخ الروح القدسي فكان أول قبول قبلته على ما زاد على نشأتها نفخ هذا الروح الخير الطاهر المطهر فلهذا كان الخير لها عادة بالطبع الذي طبعت عليه ولهذا ترجع في المال إلى أصلها فإن الأصل منها ما ذكرناه من قبول الخير فتلحقها الرحمة في المال كما كان وجودها عين الرحمة فختم الأمر بما به بدأ والخاتمة عين السابقة ومما يؤيد ما ذكرناه أن أول نشأة إنسانية التي كانت أصل النشآت الإنسانية كانت في غاية التقديس وأوج الشرف بكونها مخلوقة على الصورة الإلهية فلم يظهر عنها إلا المناسب فكما كان المناسب لها مع وجود المخالفة التي تعطيها حقائق الأسماء الإلهية المقابلة أن لا يتطرق إليها لمخالفة بعضها بعضا لسان ذم كذلك ما ظهر من المخالفة في هذه النشأة الإنسانية لا يتطرق إليها في المال تسرمد عذاب فإن الأصل يحميها من ذلك وهو الصورة فكانت مجبورة في مخالفتها فلا بد من المخالفة لأنه لا بد من تقابل الأسماء في الذي خلقت على صورته فالنافع ما هو الضار ولا المعطي هو المانع ولا بد من ظهور هذه الحقائق في هذه النشأة حتى يصح كمال الصورة فالطائع يقابل العاصي والمشرك يقابل الموحد والمعطل يقابل المثبت والموافق يقابل المخالف من إمداد الأسماء الإلهية وهو قوله كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك يعني الطائع والعاصي وأهل الخير والشر وما كان عطاء ربك محظورا أي ممنوعا لأنه يعطي لذاته والمحال القوابل تقبل باستعدادها واستعدادها أثر الأسماء الإلهية فيها ومن الأسماء الإلهية الموافق والمخالف مثل الموافق الرحيم والغفور وأشباهه ومثل المخالف المعز والمذل فلا بد أن يكون استعداد هذا المحل في حكم اسم من هذه الأسماء فيكون قبوله للحكم الإلهي بحسب ذلك فأما مخالف وإما موافق ومن كان هذا حاله كيف يتعلق به ذم ذاتي والأعراض لا ثبات لها فالخير في الإنسان ذاتي وهو الذي يبقى لها حكمه والشر عرضي فيزول ولو بعد حين قال تعالى ولتعلمن نبأه بعد حين وهذا مثل قوله يا عبادي فأضافهم إلى نفسه كما أضاف إلى نفسه نفوسهم في خلقها فقال ونفخت فيه من روحي وكلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك ثم قال الذين أسرفوا على أنفسهم والإسراف كرم عام خارج عن الحد والمقدار وكذا قال في الإنفاق لم يسرفوا ولم يقتروا أي لم يوسعوا ما يخرج عن الحاجة ولم يقتروا لم ينقصوا مما تمس إليه الحاجة لا تقنطوا من رحمة الله فإنها وسعت كل شئ وأنتم من الأشياء وقد عرفتكم كيف أنشأتكم ومن أي شئ أنشأتكم من روح مطهرة وطبيعة موافقة قابلة طائعة غير عاصية ولا مخالفة إن الله يغفر الذنوب جميعا فما أبقى منها شيئا فبأي شئ يسر مد عليهم العذاب ولا يكون إلا جزاء وفاقا وقد غفر وما غفر له فلا حكم له فإن الذي غفر له هو الغفور الرحيم والغفور الرحيم لذاته فلا يبرح من حين له يغفر مغفورا له لا يعود إليه حكم الذنب لأن الحافظ هو الغفور الرحيم فلو أزاله وغفره غير هذا الاسم وأمثاله أمكن أن لا يثبت لعدم الحافظ له فتنبه لما أعلمناك به فإنه من لباب المعرفة واعلم أن الكمل من رجال الله الخلفاء في العالم الذين عبدوا على المشاهدة لا على الغيب هم الذين تكون لهم الرؤية الإلهية جزاء لا زيادة ومن نزل عن هذا الكمال هو الذي تكون له زيادة على الجزاء في قوله للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وهو قول رسول الله ص إذا وزنت فارجح لما قضى رسول الله ص ما كان عليه فلما وزنه قال للذي بيده الميزان أرجح ليزيد له على ما يستحق لما رأى أن الحق قد ذكر الزيادة على المعاوضة وقال في هذا المقام أحسنكم أحسنكم قضاء فهذا هو الإخلاص في الدين الذي هو الجزاء وهنا يظهر معنى قوله ص وأعوذ بك منك لأنه لما نطق ص بالاستعاذة به بضمير الخطاب من غير تعيين اسم لم يجد له مقابلا لأنه ما عين اسما فلم يجد من يستعيذ منه فرأى نفسه على صورته فقال منك فاستعاذ بالله من نفسه لأن النفس الذي هو المثل وردت في القرآن مثل قوله فلا تزكوا أنفسكم أي أمثالكم وقال ص لا أزكي على الله أحدا وقال كخيفتكم أنفسكم أي أمثالكم فيتوجه قوله وأعوذ بك منك أن الكافين واحدة ويتوجه أن الكاف في منك تعود على المثل وهو نفس المستعيذ فإنه خليفة محصل للصورة على أتم الوجوه فاستعاذ بالله من نفسه لما يعلمه من المكر الخفي الإلهي فإنه ما أظهر الصورة المثلية في هذه النشأة على التشريف فقط بل هي شرف وابتلاء فمن ظهر بحكم الصورة على الكمال فقد حاز الشرف بكلتي يديه فإن الصورة الإلهية لا يلحقها ذم بكل وجه ومن نقص عن هذا الكمال كان في حقه مكرا إلهيا من حيث لا يشعر كما إن الخلافة في العالم ابتلاء لا تشريف ولهذا قال ص إنها في الآخرة مندمة لما يتعين على

183

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست