نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 168
أوجده طلب منه ما استحق عليه من الأجر في ذلك ولم يجعل نفسه في إيجاده متبرعا فقال له اعبدني وسبح بحمدي فسبحه وعبده جميع ما أوجده من الممكنات ووفاه أجره ما عدا بعض الناس فلم يوفه أجر ما أوجده له فتعينت عليه مطالبة العامل وتعين على الحكم العدل أن يحكم على المعمول له بأداء الأجر الذي وقع الاتفاق عليه وسرى حكم هذه الإجارة في جميع الممكنات لأن الأعمال تطلبها بذاتها ولهذا إذا تبرع العامل وترك الأجر لا يزيل ذلك قيمة ذلك العمل فيقال قيمة هذا العمل كذا وكذا سواء أخذ العامل أجره أو لم يأخذه وسواء قدره ابتداء أو لم يقدره فإن صورة العمل تحفظ قيمة الأجر وقد أخبر الله عن نفسه أنه داخل تحت حكم هذه الحقوق وكيف لا يكون ذلك وهو الحكيم مرتب الأشياء مراتبها فمنها ما لم نعرفه حتى عرفنا به مثل قوله وكان حقا علينا نصر المؤمنين فالنصر أجر الايمان لذاته ولكن يقتضيه المؤمن وهو الذي صفته الايمان وهو سبحانه وفى فلا بد من نصر الايمان ولا يظهر ذلك إلا في المؤمن والمؤمن لا يتبعض فيه الايمان فاعلم ذلك وكل من تبعض فيه الايمان لأجل تعداد الأمور التي يؤمن بها فآمن المؤمن ببعضها وكفر ببعضها فليس بمؤمن فما خذل إلا من ليس بمؤمن فإن الايمان حكمه أن يعم ولا يخص فلما لم يكن له وجود عين في الشخص لم يجب نصره على الله فإذا ظهر الكافر على المؤمن في صورة الحكم الظاهر فليس ذلك بنصر للكافر عليه وإنما الذي يقابله لما ولى وأخلي له موضعه ظهر فيه الكافر وهذا ليس بنصر إلا مع وقوف الخصم فيغلبه بالحجة ومما أوجب الحق من ذلك على نفسه أيضا أعني من الأجر الرحمة فجعلها أجرا على نفسه واجبا لمن تاب من بعد ما عمل من السوء وأصلح عمله وقد يتبرع متبرع بأجر يتحمله لعامل عمل لغيره عملا لم يعمله لهذا المتبرع مثل قوله في المظلوم إذا عفا عمن ظلمه ولم يؤاخذه بما استحق عليه وأصلح فأجره على الله وكان ينبغي أن يكون أجره على من تركت مطالبته بجنايته فتحمل الله ذلك الأجر عنه إبقاء على المسئ ورحمة به فلا يبقى للمظلوم عليه حق يطالبه به ولما كان العمل يطلب الأجر بذاته ويعود ذلك على العامل وأداء الرسائل عمل من المؤدي لأن المرسل استعمله في أداء رسالته لمن أرسله إليه فوجب أجره عليه لأن المرسل إليه ما استعمله حتى يجب عليه أجره ولهذا قالت الرسل لأممها عن أمر الله تعريفا للأمم بما هو الأمر عليه قل ما أسئلكم عليه من أجر إن أجري إلا على الله فذكروا استحقاق الأجر على من يستعملهم ولم يقولوا ذلك إلا عن أمره فإنه قال لكل رسول قل ما أسئلكم عليه من أجر واختص محمد ص بفضيلة لم ينلها غيره عاد فضلها على أمته ورجع حكمه ص إلى حكم الرسل قبله في إبقاء أجره على الله فأمره الحق أن يأخذ أجره الذي له على رسالته من أمته وهو أن يودوا قرابته فقال له قل لا أسألكم عليه أجرا أي على تبليغ ما جئت به إليكم إلا المودة في القربى فتعين على أمته أداء ما أوجب الله عليهم من أجر التبليغ فوجب عليهم حب قرابته ص وأهل بيته وجعله باسم المودة وهي الثبوت في المحبة فلما جعل له ذلك ولم يقل إنه ليس له أجر على الله ولا أنه بقي له أجر على الله وذلك ليجدد له النعم بتعريفه ما يسر به فقيل له بعد هذا قل لأمتك آمرا ما قاله رسول لأمته قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله فما أسقط الأجر عن أمته في مودتهم للقربى وإنما رد ذلك الأجر بعد تعينه عليهم فعاد ذلك الأجر عليهم الذي كان يستحقه رسول الله ص فيعود فضل المودة على أهل المودة فما يدري أحد ما لأهل المودة في قرابة رسول الله ص من الأجر إلا الله ولكن أهل القربى منهم ولهذا جاء بالقربى ولم يجئ بالقرابة فإنه لا فرق بين عقيل في القرابة النسبية وبين علي فإنهما ابنا عم رسول الله ص في النسب فعلى جمع بين القربى والقرابة فوددنا من قرابته ص القربى منهم وهم المؤمنون ولذلك فرق عمر رضي الله عنه بين من هو أقرب قرابة وأقرب قربى وهو عربي نزل القرآن بلسانه فلو لا ما في ذلك فرقان في لسانهم واصطلاحهم ما فرق عمر بين القربى والقرابة وانظر ذلك في القرآن في المغانم في قوله تعالى فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى وليسوا إلا المؤمنين من القرابة فجاء بلفظ القربى دون لفظ القرابة فإن القرابة إذا لم يكن لهم قربى الايمان لا حظ لهم في ذلك ولا في الميراث وهو قول النبي ص يوم دخل مكة ما ترك لنا عقيل من دار لأنه الذي ورث أباه دون علي لإيمان علي وكفر عقيل وقال تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم
168
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 168