نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 166
على طائفة مخصوصة يقتل الآخر منهما فلا تماثل في تلك الطائفة أو في العموم بحسب ما يعطيه الوقت فلو لا حكم الإرادة وجودا وتقديرا لما أمر بقتل الآخر والقتل زوال من صفة الحكم فزل أنت يبقى هو فإنك الآخر فإن قال بعض العارفين فالأول هنا ليس بخليفة قلنا هو خليفة حقا عن أمر إلهي ونهي عن المشاركة فيما أمر به من خلافته عنك فقال رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا والوكيل بلا شك خليفة الموكل فيما وكله فيه وقال أن لا تتخذوا من دوني وكيلا فنهي أن نتخذ وكيلا غيره فكونه إلها ما هو كونه وكيلا ونحن إنما تكلمنا في الوكالة وهي الخلافة وفي الوكيل وهو الخليفة كما ينظر باعتبار آخر قوله لنا وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فلنا الإنفاق بحكم الخلافة والإنفاق ملك لنا والإنفاق تصرف فجعلناه عن أمره وكيلا عنا في الإنفاق أي خليفة لعلمنا بأنه يعلم من مواضع التصرف ما لا نعلمه فهو المالك وهو الخليفة فما ميز الله المراتب وأبانها لنا وظهر بأسمائه في أعيانها وتجلى لنا فيها إلا لننزله في كل مرتبة رأيناه نزل فيها فنحكم عليه بما حكم به على نفسه وهذا هو أتم العلم بالله أن نعلمه به لا بنظرنا ولا بإنزالنا تعالى الله الخالق أن نحكم عليه بما خلق دون أن يظهر له فيما حكم به عليه فيكون هو الحاكم على نفسه لا أنا وهذا معنى قول العلماء إن الحق لا يسمى إلا بما سمي به نفسه إما في كتابه أو على لسان رسوله من كونه مترجما عنه فمن أقامه الله في مقام الترجمة عنه بارتفاع الوسائط أو بواسطة الأرواح النورية وجاء باسم سماه به فلنا أن نسميه بذلك الاسم وسواء كان المترجم مشرعا لنا أو غير مشرع لا يشترط في ذلك إلا الترجمة عنه حتى لا نحكم عليه إلا به فإنه القائل تعالى إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا تميزون به وتفرقون بين ما ينبغي له وما ينبغي لكم فيعطي كل ذي حق حقه فله المقاليد وله الفتح بها ودونها ولنا الفتح بها وما هي لنا بل هي بيده وما كان بيده فليس يخرج عنه لأنه ما ثم إلى أين فهو المعطي والآخذ لأن الصدقة تقع بيد الرحمن واعلم أن الوحي الإلهي إنما ينزل من مقام العزة الأحمى ولهذا لا يكون بالاكتساب لأنه لا يوصل إلى ذلك المقام بالتعمل ولو وصل إليه بالتعمل لم يتصف بالعزة فينزل الوحي لترتيب الأمور التي تقتضيها حكمة الوجود ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا يخالف ترتيب حكمة الوجود وليس إلا من الله فهو في غاية الأحكام والإتقان الذي لا يمكن غيره فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه أعطاه خلقه وأنزله في منزلته التي يستحقها فانظر هذه القوة الإلهية التي أعطاها الله لمن أنزل عليه الوحي الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله فإنهم علموا قدر من أنزله فرزقهم الله من القوة ما يطيقون به حمل ذلك الجلال فإذا سمعوا في الله ما يخالف ما تجلى لهم فيه تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وقد سمع ذلك أهل الله ورسله وما جرى عليهم شئ من ذلك لما أعطاهم من قوة العلم إذ لا أقوى من العلم فتجلى لهم في قوله لو أراد الله أن يتخذ ولدا ولو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا فعلم أهل الله من رسول ونبي وولي ما لم تعلمه السماوات والأرض والجبال من الله فأنتج لهم هذا العلم بالله قوة في نفوسهم حملوا بها ما سمعوه من قول من قال إن المسيح ابن الله وإن عزيرا ابن الله ولم يتزلزلوا ولو نزل ذلك على من ليست له هذه القوة لذاب في عينه لعظيم ما جاءه فانظر ما أكثف حجاب من اعتقد أن لله ولدا وما أشد عماه عن الحقائق وما مر علي في التجلي الإلهي أمر حيرني وأضعف قوتي أشد من قول الملائكة ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم والله يقول ما على المحسنين من سبيل وأي إحسان أعظم ممن ثاب واتبع سبيله وقول نوح وهو من الكمل من أهل الله ولمن دخل بيتي مؤمنا فهذا كأنه أبقى شيئا فإنه ما طلب المغفرة إلا للمؤمن ولم يذكر اتباع سبيل الله لأن المؤمن قد يكون مخالف أمر الله ونهيه والله يقول للمسرفين على أنفسهم إن الله يغفر الذنوب جميعا فهذا الصنف من الملائكة قاموا في مقام الأدب فحكم عليهم بهذا القول ايثارا للجناب الإلهي على الخلق ولهذا قدموا وأخروا وما أخبر الله عنهم في قوله قبل هذا الدعاء وسعت كل شئ رحمة وعلما ففيه روائح طلب المغفرة للمسيئين وأخروا أيضا قولهم وقهم السيئات أن تقوم بهم فإنه أتم في العناية ومن تق السيئات يومئذ أي يوم تقيه فقد رحمته وهو قولهم وسعت كل شئ رحمة فجاء ما ذكروه في الوسط بين هذين كأنه إيثار للجناب الإلهي كما يقول النبي ص في القيامة سحقا سحقا وما علق الله
166
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 166