نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 139
واتبع سبيل من أناب إلي فأمر باتباع المنيبين إلى الله ومخالفة نفوسهم إن أبت ذلك فحق الإمام أحق بالاتباع قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وهم الأقطاب والخلفاء والولاة وما بقي لهم حكم إلا في صنف ما أبيح لك التصرف فيه فإن الواجب والمحظور من طاعة الله وطاعة رسوله فما بقي للأئمة إلا المباح ولا أجر فيه ولا وزر فإذا أمرك الإمام المقدم عليك الذي بايعته على السمع والطاعة بأمر من المباحات وجبت عليك طاعته في ذلك وحرمت مخالفته وصار حكم ذلك الذي كان مباحا واجبا فيحصل للإنسان إذا عمل بأمره أجر الواجب وارتفع حكم الإباحة منه بأمر هذا الذي بايعه فتدبر ما ذكرناه وما نبهنا عليه من أمر الإمام بالمباح واعرف منزلة البيعة وما أثمرت وما أثرت وكيف نسخت حكم الإباحة بالوجوب عن أمر الحق بذلك فنزل الإمام منزلة الشارع بأمر الشارع فتغير الحكم في المحكوم عليه عما كان عليه في الشرع قبل أمر هذا الإمام فمن أنزله الحق منزلته في الحكم تعين اتباعه واعلم أن النبات عالم وسط بين المعدن والحيوان فله حكم البرازخ فله وجهان فيعطي من العلم بذاته لمن كوشف بحقيقة ما فيه من الوجوه فإن الكمال في البرازخ أظهر منه في غير البرازخ لأنه يعطيك العلم بذاته وبغيره وغير البرزخ يعطيك العلم بذاته لا غير لأن البرزخ مرآة للطرفين فمن أبصره أبصر فيه الطرفين لا بد من ذلك وفي النبات سر برزخي لا يكون في غيره فإنه برزخ بينه من قوله نباتا وبين ربه من قوله أنبتكم والمنصف العادل من حكم بين نفسه وربه ولا يكون حكما حتى تكون نفسه تنازع ربها فيحكم له عليها العامة أن الحق بيد الله بكل وجه وعلى كل حال وسبب نزاعها كونها على الصورة ففيها مضادة الأمثال لا مضادة الأضداد فيدخل الإنسان حكما بين ربه وبين نفسه ألا تراه مأمورا بأن ينهاها عن هواها فأنزلها منزلة الأجنبي وليس إلا عينها وهي التي ادعت فهي الحكم والخصم ولو اقتصر الأمر دونها على الجسم النامي منه وغير النامي لم تكن منازعة فإنه مفطور على التسبيح لله بحمده فالجسم الإنساني كالنجم من النبات لا يقول على ساق فلا يرجع شجرة إلا بوجود الروح المنفوخ فيه فحينئذ يقوم على ساق بخلاف الأشجار كلها فإنها تقوم على ساق من غير نفخ الروح الحيواني فيها فهو نجم بالأصالة وشجرة بالنفخ فسجوده لله سجود الظلال وسجود الشجر لله سجود الأشخاص القائمين على ساق ولما كان النبات برزخيا كان مرآة قابلا لصور ما هو لها برزخ وهما الحيوان والمعدن إذا بايع بايع لبيعته ما ظهر فيه من صور ما هو برزخ لهما تابعا له فتضمنت بيعة النبات بيعة الحيوان والمعادن لأن هذا الإمام يشاهد الصور الظاهرة في مرآة البرازخ وهو علم عجيب كما يرى الناظر في المرآة في الحس غير صورته مما تقبله المرآة من صور غير الناظر من الأشخاص فيدرك فيها ما هي تلك الأشخاص عليه في أنفسها مع كونها في أعيانها غيبا عنه وما رأى لها صورة إلا في هذا الجسم الصقيل فإن أعطته تلك الصورة علما غير النظر إليها كان ذلك العطاء بمنزلة ما يعطي المبايع في البيعة من السمع والطاعة لمن بايعه وإن لم تعط علما لم يرجع ذلك إليها وإنما هو رجع إلى الناظر وإنه ليس بإمام ولا خليفة ولا له بيعة أصلا وبهذا يتميز الإمام في نفسه عن غيره ويعلم أنه إمام فإن أخذ العلم هذا الناظر من تلك الصورة بحكم التفكر والاعتبار فيخيل أنه إمام وقته فليس كذلك إلا أن تعطيه الصور العلم من ذاتها كشفا من غير فكر ولا اعتبار وإن اتفق أن يساويه صاحب الفكر في ذلك العلم الكشفي فليس بإمام لاختلاف الطريق فإن الإمام لا يقتني العلوم من فكره بل لو رجع إلى نظره لأخطأ فإن نفسه ما اعتادت إلا الأخذ عن الله وما أراد الله لعنايته بهذا العبد أن يرزقه الأخذ من طريق فكره فيحجبه ذلك عن ربه فإنه في كل حال يريد الحق أن يأخذ عنه ما هو فيه من الشؤون في كل نفس فلا فراع له ولا نظر لغيره وللعاقل إذا استبصر دليل قد وقع يدل على صحة ما ذكرناه نهى النبي ص عن إبار النخل ففسد لأنه لم يكن عن وحي إلهي ونزوله يوم بدر على غير ماء فرجع إلى كلام أصحابه فإنه ص ما تعود أن يأخذ العلوم إلا من الله لا نظر له إلى نفسه في ذلك وهو الشخص الأكمل الذي لا أكمل منه فما ظنك بمن هو دونه وما بقي للعارفين بالله علاقة بين الفكر وبينهم بطريق الاستفادة ولا يسمى الشخص إلهيا إلا أن لا يكون أخذه العلوم إلا عن الله من فتوح المكاشفة بالحق يقول أبو يزيد البسطامي أخذتم
139
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 139