نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 137
لتعمه الزينة علو أو سفلا ووسطا وظاهرا وباطنا فإذا قعد عليه بالصورة الإلهية وأمر الله العالم ببيعته على السمع والطاعة في المنشط والمكره فيدخل في بيعته كل مأمور أعلى وأدنى إلا العالين وهم المهيمون العابدون بالذات لا بالأمر فيدخل في أول من يدخل عليه في ذلك المجلس الملأ الأعلى على مراتبهم الأول فالأول فيأخذون بيده على السمع والطاعة ولا يتقيدون بمنشط ولا مكره لأنهم لا يعرفون هاتين الصفتين فيهم إذ لا يعرف شئ منهما إلا بذوق ضده فهم في منشط لا يعرفون له طعما لأنهم لم يذوقوا المكره وما منهم روح يدخل عليه للمبايعة إلا ويسأله في مسألة من العلم الإلهي فيقول له يا هذا أنت القائل كذا فيقول له نعم فيقول له في المسألة وجها يتعلق بالعلم بالله يكون أعلى من الذي كان عند ذلك الشخص فيستفيد منه كل من بايعه وحينئذ يخرج عنه هذا شأن هذا للقطب والكتاب الذي صنفته فيه ذكرت فيه سؤالاته للمبايعين له التي وقعت في زماننا لقطب وقتنا فإنها ما هي مسائل معينة تتكرر من كل قطب وإنما يسأل كل قطب فيما يخطر الله في ذلك الحين مما جرى لهذا الذي بايعه من الأرواح فيه كلام فأول مبايع له العقل الأول ثم النفس ثم المقدمون من عمال السماوات والأرض من الملائكة المسخرة ثم الأرواح المدبرة للهياكل التي فارقت أجسامها بالموت ثم الجن ثم المولدات وذلك أنه كل ما سبح الله من مكان ومتمكن ومحل وحال فيه يبايعه إلا العالين من الملائكة وهم المهيمون والأفراد من البشر الذين لا يدخلون تحت دائرة القطب وما له فيهم تصرف وهم كمل مثله مؤهلون لما ناله هذا الشخص من القطبية لكن لما كان الأمر لا يقتضي أن يكون في الزمان إلا واحد يقوم بهذا الأمر تعين ذلك الواحد لا بالأولوية ولكن بسبق العلم فيه بأن يكون الوالي وفي الأفراد من يكون أكبر منه في العلم بالله وهذا المنزل يتضمن مبايعة النبات من المولدات ويدخل فيه قوله في الأجسام الإنسانية والله أنبتكم من الأرض فنبتم نباتا فجاء في ذكرهم بالإنبات أنه أنبتهم ولم يؤكده بالمصدر وجاء بمصدر آخر ليعرف بأنهم نبتوا حين أنبتهم فأوقع الاشتراك بينه وبينهم في الخلق ينبه أنه لولا استعدادهم للانبات ما أثرت فيهم الأسماء فكان خروجهم من الأسماء والاستعداد فللأسماء قوله أنبتكم من الأرض وللاستعداد قوله نباتا لأن نباتا مصدر نبت لا مصدر أنبت فإن مصدر أنبت إنما هو إنبات فانظروا ما أعجب مساق القرآن وإبراز الحقائق فيه كيف يعلمنا الله في إخباراته ما هي الأمور عليه فيعطي كل ذي حق حقه إذ لا ينفذ الاقتدار الإلهي إلا فيمن هو على استعداد النفوذ فيه ولا يكون ذلك إلا في الممكنات إذ لا نفوذ له في الواجب الوجود لنفسه ولا في المحال الوجود فسبحان العليم الحكيم واعلم أن الإنسان شجرة من الشجرات أنبتها الله شجرة لا نجما لأنه قائم على ساق وجعله شجرة من التشاجر الذي فيه لكونه مخلوقا من الأضداد والأضداد تطلب الخصام والتشاجر والمنازعة ولهذا يختصم الملأ الأعلى وأصل وجوده في العالم حكم الأسماء الإلهية المتقابلة في الحكم لا غير هذا مستندها الإلهي قال تعالى في حق محمد ص إنه قال ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون حتى أعلمه الله تعالى فعلم إن للطبيعة فيهم أثرا كما إن للأركان في أجسام المولدات أثرا فلما كان الناس شجرات جعل فيهم ولاة يرجعون إليهم إذا اختصموا ليحكموا بينهم ليزول حكم التشاجر وجعل لهم إماما في الظاهر واحدا يرجع إليه أمر الجميع لإقامة الدين وأمر عباده أن لا ينازعوه ومن ظهر عليه ونازعه أمرنا الله بقتاله لما علم إن منازعته تؤدي إلى فساد في الدين الذي أمرنا الله بإقامته وأصله قوله تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فمن هناك ظهر اتخاذ الإمام وأن يكون واحدا في الزمان ظاهرا بالسيف فقد يكون قطب الوقت هو الإمام نفسه كأبي بكر وغيره في وقته وقد لا يكون قطب الوقت فتكون الخلافة لقطب الوقت الذي لا يظهر إلا بصفة العدل ويكون هذا الخليفة الظاهر من جملة نواب القطب في الباطن من حيث لا يشعر فالجور والعدل يقع في أئمة الظاهر ولا يكون القطب إلا عدلا وأما سبب ظهوره في وقت وخفاء بعضهم في وقت فهو إن الله ما جبر أحدا على كينونته في مقام الخلافة وإنما الله أعطاه الأهلية لذلك المقام وعرض عليه الظهور فيه بالسيف حسبما ما أمره فمن قبله ظهر بالسيف فكان خليفة ظاهرا وباطنا ما ثم غيره وإن اختار عدم الظهور لمصلحة رآها أخفاه الله وأقام عنه نائبا في العالم يسمى خليفة يجور ويعدل وقد يكون عادلا على قدر ما يوفقه الله سبحانه ويكون حكمه وإن كان جائرا حكم الإمام العادل من نازعه قتل ولا يقتل إلا الآخر فإنه المنازع وأمرنا الله أن لا نخرج يدا من
137
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 3 صفحه : 137