responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 120


وسع هو كل شئ رحمة وعلما ولم يجر للغضب ذكر في هذه السعة الإلهية والرحمانية فلا بد من مال العالم إلى الرحمة لأنه لا بد للعالم من الرجوع إلى الله فإنه القائل وإليه يرجع الأمر كله فإذا انتهت رجعته إليه عاد الأمر إلى البدء والمبدأ والمبدئ والمبدأ رحمة وسعت كل شئ والمبدئ وسع كل شئ رحمة وعلما فعرف الأمر في عوده في الرحمة فيأمن من تسرمد العذاب على خلق الله أين أنت من هذا الشهود لولا سبق الرحمة الشاملة العامة الامتنانية لتسرمد العذاب على من ينفي رحمة الله من هذه السعة التي ذكر الله فيها ولكن سبق الرحمة جعله أن يبدو له من الله من الرحمة به مع هذا الاعتقاد ما لم يكن يحتسبه فما آخذه الله بجهله لأنه صاحب شبهة في فهمه فعين بصيرته مطموس وعقله في قيد الجهالة محبوس وما في الحيوان من جرى في مسكنه وعمارة بيته وإقامة صورته على شكل العالم مثل النحل فسدست صور بيوتها حتى لا يبقى خلاء كما سد الشكل الكري الخلأ فلم يبق خلاء وعمرت بيتها بالعسل الذي هو ملذوذ نظير الرحمة الإلهية التي عمت الوجود وغمرته وما عمرته بذلك في حق غيرها وإنما عمرته في حق نفسها وكذا صدر العالم على هذه الصورة فما من شئ من العالم إلا وهو يسبح بحمده فلنفسه أوجده لأنه ما شغله إلا به وقال فيمن جعل فيه استعدادا يمكن أن يسعى به لنفسه ولغير الله فنبه أنه ما خلقهم إلا لعبادته فقال وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فكونهم ما فعل بعضهم ما خلق له لا يلزم منه بالقصد المذكور أنه خلق لما تصرف فيه ولذلك يسأل ويحاسب كما وقع فيما اختزنته النحلة لنفسها وأظهرته منها لقوام ذاتها فأخذه من أخذه وتحكم فيه في غير ما أوجدته له ولما كان الأمر كما ذكرناه في النحل دون غيره لذلك أخبرنا الله عنها أنه أوحى إليها دون غيرها من الحيوان وقال فيما يخرج من بطونها إنه شفاء للناس فأنزله منزلة الرحمة التي وسعت كل شئ وما ذكر له مضرة وإن كان بعض الأمزجة يضره استعماله ولكن ما تعرض لذلك أي أن المقصود منه الشفاء بالوجود كما المقصود بالغيث إيجاد الرزق الذي يكون عن نزوله بالقصد وإن هدم الغيث بيت الشيخ الفقير الضعيف فما كان رحمة في حقه من هذه الجهة الخاصة ولكن ما هي بالقصد العام الذي له نزل المطر وإنما كان ما كان من استعداد القابل للتهدم لضعف البنيان كما كان الضرر الواقع لآكل العسل من استعداد مزاجه لم يكن بالقصد العام واعلم أن حفظ الله للعالم إنما هو لإبقاء الثناء عليه بلسان المحدثات بالتنزيه عما هي عليه من الافتقار فلم يكن الحفظ للاهتمام به ولا للعناية بل ليكون مجلاه وليظهر أحكام أسمائه وكذا خلق الإنسان على صورته فقال وأن ليس للإنسان إلا ما سعى فجعله لا يسعى إلا لنفسه ولهذا قرن بسعيه الأجر حتى يسعى لنفسه بخلاف من لا أجر له من العالم الأعلى والأسفل وليس بعد الرسل ومرتبتهم في العلم بالله مرتبة فهم المطرقون والمنبهون ومع هذا فما منهم من رسول إلا قيل له قل لأمتك ما أسئلكم عليه أي على ما بلغتكم من أجر إن أجري إلا على الله فإنه الذي استخدمه وأرسله فالأجر عليه فما سعوا ولا بلغوا إلا في حظوظ نفوسهم لكن الفرق بين العماء من أهل الله وبين العامة إنهم علموا ما الأجر ومن صاحبه ومن يطلبه منهم ممن لا يطلبه ولمن يرجع ذلك الحكم فكل ساع في أمر فإنما يسعى لنفسه كان ذلك الساعي من كان لا يستثني ساع من ساع بل الأمر كله لله وتختلف الأجور باختلاف المقاصد فأعلاها حب المدح والثناء فإنها صفة إلهية ولأجلها أوجد الله العالم ناطقا بتسبيحه بحمده ودون ذلك من الأجور طلب الزيادة من العلم بالكوائن ودون ذلك من الأجور ما تطلبه الطبيعة من القوي الروحانية لوجود الانفعال كثيرا عنها ودون ذلك ما تطلبه الطبيعة من القوي الحسية لمجرد الالتذاذ الذي للروح الحيواني به وليس وراء ذلك أجر يطلب فما ذكرنا سعيا إلا وهو حظ للنفس الساعية فإذا علمت حفظ الله العالم علمت قوله تعالى تجري بأعيننا فكثر فقال فإنك بأعيننا فكثر فكل حافظ في العالم أمرا ما فهو عين الحق إذ الحفظ لا يكون إلا ممن لا يغالب على محفوظه ولا يقاوي على حفظه فكن حافظا لما أنت به تكن عين الحق في وجوده فحفاظ العالم لهم هذه المنزلة وهم لا يعلمون أنهم أعين الحق وذلك ليعلم فضل أهل الشهود والوجود على غيرهم وإن وقع الاشتراك في الصفة ولكن ليس من علم منزلته من حضرة الحق مثل من لم يعلم قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون أنما يتذكر أولوا الألباب فهذا إعلام بأنهم علموا ثم طرأ النسيان على بعضهم فمنهم من استمر عليه حكم النسيان فنسوا الله فنسيهم ومنهم من ذكر فتذكروهم أولو الألباب ولب العقل هو الذي

120

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 120
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست