responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 112


في الوجود كتابين كتابا سماه أما فيه ما كان قبل إيجاده وما يكون كتبه بحكم الاسم المقيت فهو كتاب ذو قدر معلوم فيه بعض أعيان الممكنات وما يتكون عنها وكتابا آخر ليس فيه سوى ما يتكون عن المكلفين خاصة فلا تزال الكتابة فيه ما دام التكليف وبه تقوم الحجة لله على المكلفين وبه يطالبهم لا بالأم وهذا هو الإمام الحق المبين الذي يحكم به الحق تعالى الذي أخبرنا الله في كتابه أنه أمر نبيه أن يقول لربه احكم بالحق يريد هذا الكتاب وهو كتاب الإحصاء فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وكل صغير وكبير مستطر وهو منصوص عليه في الأم التي هي الزبر ومعناه الكتابة وإن كانت أصناف الكتب كثيرة ذكرناها في مواقع النجوم فإنها ترجع إلى هذين الكتابين وسبب إيجاد الكتابين كونه سبحانه خلق من كل شئ زوجين فخلق كتابين أيضا فمن الكتاب الثاني يسمى الحق خبيرا ومن الأم يسمى عليما فهو العليم بالأول الخبير بالثاني إن عقلت فالقضاء الذي له المضي في الأمور هو الحكم الإلهي على الأشياء بكذا والقدر ما يقع بوجوده في موجود معين المصلحة المتعدية منه إلى غير ذلك الموجود مثل قوله ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض فلو وجد البغي عن البسط لم تقم الحجة عليهم ولكن ينزل بقدر ما يشاء فما أنزل شيئا إلا بقدر معلوم ولا خلق شيئا إلا بقدر فإذا وجد البغي مع القدر قامت الحجة على الخلق حيث منع الغير مما بيده مع حصول الاكتفاء فما زاد فيعلم أنه لمصلحة غيره ومن فضله جعله قرضا ولا يقع القرض فيما هو رزق له لقوام عينه وجعل هذا الفعل من جملة مصالح العباد فرفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ولما أنزل الله سبحانه نفسه منزلة عباده أمضى عليه أحكامهم فما حكم فيهم إلا بهم وهذا من حجته البالغة له عليهم وهو قوله جزاء وفاقا جزاء بما كنتم تعملون جزاء بما كنتم تكسبون فأعمالهم عذبتهم وأعمالهم نعمتهم فما حكم فيهم غيرهم فلا يلومون إلا أنفسهم كما قال الله فيما حكاه لنا من قول الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان أي من قوة ولا حجة ولا برهان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي وليس كل من دعا تلزم إجابته ولهذا كانت المعجزات تشهد بصدق الدعوة من الرسل أنها دعوة الله والشيطان ما أقام برهانا لهم لما دعاهم وهو قوله وما كان لي عليكم من سلطان فيا عجبا إن الناس جحدوا دعوة الحق مع ظهور البرهان وكفروا بها وأجابوا دعوة الشيطان العرية عن البرهان فقال لهم فلا تلوموني ولوموا أنفسكم نظرا منه إلى حكم الكتاب الثاني الذي به تقوم الحجة عليهم فلو نظر إلى الأم والزبر الأول لم يقل لهم ولوموا أنفسكم فالقضاء للكتاب الأول يطلبه حكم الكتاب الثاني والقدر بالكتاب الثاني وكلا الكتابين محصور لأنه موجود وعلم الله في الأشياء لا يحصره كتاب مرقوم ولا يسعه رق منشور ولا لوح محفوظ ولا يسطره قلم أعلى فلله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون أي إلى الحكم وهو القضاء فالضمير في إليه يعود على الحكم فإنه أقرب مذكور فلا يعود على الأبعد ويتعدى الأقرب إلا بقرينة حال هذا هو المعلوم من اللسان الذي أنزل به القرآن فالقضاء يحكم على القدر والقدر لا حكم له في القضاء بل حكمه في المقدر لا غير بحكم القضاء فالقاضي حاكم والمقدر موقت فالقدر التوقيت في الأشياء من اسمه المقيت قال الله تعالى وكان الله على كل شئ مقيتا وهذا المنزل أشهدته بقونية في ليلة لم يمر على أشد منها لنفوذ الحكم وقوته وسلطانه فحمدت الله على قصوره على تلك الليلة ولم يكن حكم تأبيد وإنما كان حكم وقوع مقدر فلما رددت إلي وقد سقط في يدي وعلمت ما أنزل الله علي وما قدره الحق لدي وفرقت بين قضائه وقدره في الأشياء كتبت به إلى أخ في الله كان لي رحمه الله أعرفه بما جرى كما جرت العادة بين الإخوان إذ كان كتابه قد ورد علي يطلبني بشرح أحوالي فصادف ورود هذا الحال فكتبت إليه في الحال بسم الله الرحمن الرحيم ورد كتاب المولى يسأل وليه عن شرح ما رأى إنه به أولى ليكون في ذلك بحكم ما يرد عليه شهاب الدين يا مولى الموالي * سألت تهمما عن شرح حالي أنا المطرود من بين الموالي * ومثلي من يصد عن الوصال عصيت زجاجة فجهلت قدري * فها أنا طائع حد الغوالي رميت بأسهم الهجران حتى * تداخلت النبال على النبال

112

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 3  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست