responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 742


تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما وإنما ضربنا المثل في هذا المساق بتعيين هذا الخبر في النساء لأنا في مسألة المرأة إنها لا تستر وجهها في الإحرام والغيرة يعطي حكمها الستر وقد ثبت في الصحيح أنه لا أغير من الله يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في سعد إن سعد الغيور وأنا أغير من سعد والله أغير مني ومن غيرته حرم الفواحش وما زاد على غيرة الله فهو في نفسه وعند نفسه أغير من الله وإن ذلك الأمر الذي هو عند الله ليس بفاحشة إذ لو كان عند الله فاحشة لحرمها فإن الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن فعم الحكم فهذا شخص قد جعل فاحشة ما ليس عند الله فاحشة وأكذب الله فيما قال وجعل بغيرته التي يجدها أنه أحكم من الله في نصب هذا الحكم فلا يزال من هو بهذه المثابة معذبا في نفسه فما أحسن قوله ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فلو عرض الإنسان نفسه وأدخلها في هذا الميزان لرأى نفسه كافرة بعيدة من الايمان فإن الله نفى الايمان عمن هذه صفته وأقسم بنفسه عليه إنه ليس بمؤمن فهو حكم إلهي بقسم تأكيدا له فقال فلا وربك لا يؤمنون فلو كان الستر لها أصلا لما قيل لها في الإحرام لا تستري وجهك ألا ترى آية الحجاب ما نزلت ابتداء وإنما نزلت باستدعاء بعض المخلوقين هي وغيرها وكثير من أحكام الشرع نزلت بأسباب كونية لولا تلك الأسباب ما أنزل الله فيها ما أنزل ولذلك يفرق أهل الله بين الحكم الإلهي ابتداء وبين الحكم الإلهي إذا كان مطلوبا لبعض عباد الله فيكون ذلك الطلب سببا لنزول ذلك الحكم فكان الحق مكلف في تنزيله إذ لولا هذا ما أنزله بخلاف ما أنزله ابتداء فالمحقق يأخذ الحكم الإلهي المنزل ابتداء بغير الوجه الذي يأخذ به الحكم الإلهي الذي لم ينزل ابتداء فلا يغرنك أيها السائل كون الحق أنزل الأشياء بحكم سؤالات السائلين فبادر إلى قبول حكمه أي نوع كان مشروح الصدر طيب النفس إن أردت أن تكون مؤمنا وأما العاقل الوافر العقل فمستريح مع الله والحكم الإلهي مستريح معه لقد كان صلى الله عليه وسلم يقول اتركوني ما تركتكم حتى قال في وجوب الحج كل عام لو قلت نعم لوجبت ولكنها حجة واحدة فكره المسائل وعابها فالله يفهمنا وإياك مقاصد الشرع فلا يحجبنا ما ظهر منها مما بطن وعبادة الحج شبيهة بالناس في أحوالهم يوم القيامة شعثا غبرا متضرعين مهطعين إلى الداعي تاركين للزينة يرمون بالأحجار شغل المجافين لأنهم في عبادة لو علموا ما فيها لذهلت عقولهم فكانوا كالمجانين يرمون بالحجارة فجعله الله تنبيها لهم في رمى الجمار أن المشهد عظيم يذهب بالعقول عن أماكنها وما ثم عبادة هي تعبد محض في أكثر أفعالها إلا الحج وكذلك النساء في الدار الآخرة في القيامة مكشفات الوجوه كما هن في حال الإحرام ولولا تعلق الأغراض النفسية في إنزال الحجاب ما نزلت آية الحجاب فإن الله ما أخرها لهذا السبب هي وغيرها من الأحكام الموقوفة على مثل هذا إلا ذخيرة لحساب هذا الشخص الذي كان سببا في تكليف الناس بها فيتمنى يوم القيامة أنه لا يكون سببا في ذلك لما يشدد عليه والناس عن هذا غافلون وكذلك أهل الاجتهاد يوم القيامة وهم رجلان الواحد يغلب الحرمة والثاني يغلب رفع الحرج عن هذه الأمة استمساكا بالآية ورجوعا إلى الأصل فهو عند الله أقرب إلى الله وأعظم منزلة من الذي يغلب الحرمة إذ الحرمة أمر عارض عرض للأصل ورافع الحرج مع الأصل وإليه يعود حال الناس في الجنان يتبوءون من الجنة حيث يشاءون وما أغفل أهل الأهواء وإن كانوا مؤمنين عن هذه المسألة وسيندمون والله يقول الحق وهو يهدي السبيل الوجود دار واحدة ورب الدار واحد والخلق عيال الله يعمهم هذا الدار فأين الحجاب أغير الله يرى أغير الله يرى أينحجب الشئ عن حقيقته جزء الكل من عينه خلقت حواء من آدم النساء شقائق الرجال هذه أدوية من استعملها في مرض الغيرة أزالت مرضه ولم تبق فيه إلا غيرة الايمان فإنها غيرة لا تزول في الحياة الدنيا في الموضع الذي حكمها فيه نافذ فإياك يا أخي وهوس الطبيعة فإن العبد فيه ممكور به من حيث لا يشعر وما أسرع الفضيحة إليه عند الله قال صلى الله عليه وسلم ما كان الله لينهاكم عن الربا ويأخذه منكم فمن غار الغيرة الإيمانية في زعمه فحكمه أن لا يظهر منه ولا يقوم به ذلك الأمر الذي غار عليه حين رآه في غيره فإن قام به فما تلك غيرة الايمان بل تلك غيرة الطبيعة وشحها ما وقاه الله منه

742

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 742
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست