responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 658


يعني المكر المضاف إلى عباده والمكر المضاف إليه سبحانه والله سبحانه قد أمرني على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بالنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم خطابا عاما ثم خاطبني على الخصوص من غير واسطة غير مرة بمكة وبدمشق فقال لي أنصح عبادي في مبشرة أريتها فتعين على الأمر أكثر مما تعين على غيري فالله يجعل ذلك لي من الله عناية وتشريفا لا ابتلاء وتمحيصا فمن قام بين يدي الله تعالى بهذه المعرفة فهو القائم وإن كان نائما فإنه ما نام إلا به ومن لم يقم بين يديه بهذه المعرفة فهو نائم وإن كان قائما فكن رقيبا عليه في قلبك فإنه الذي وسعه كما هو رقيب عليك فإنك لا تعلم مواقع آثاره فيك وفي غيرك إلا بالمراقبة واعلم أن القائمين في شهر رمضان في قيامهم على خاطرين منهم القائم لرمضان ومنهم القائم لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر والناس فيها على خلاف والقائم فيه لرمضان لا يتغير عليه الحال بزيادة ولا نقصان والقائم لليلة القدر يتغير عليه الحال بحسب مذهبه فيها واختلف الناس في ليلة القدر أعني في زمانها فمنهم من قال هي في السنة كلها تدور وبه أقول فإني رأيتها في شعبان وفي شهر ربيع وفي شهر رمضان وأكثر ما رأيتها في شهر رمضان وفي العشر الآخر منه ورأيتها مرة في العشر الوسط من رمضان في غير ليلة وتر وفي الوتر منها فإنا على يقين من أنها تدور في السنة في وتر وشفع من الشهر الذي ترى فيه فمن قام من أجل ليلة القدر فقد قام لنفسه وإن كان قيامه لترغيب الحق في التماسها ومن قام لأجل الاسم الذي أقامه رمضان أو غيره فقيامه لله لا لنفسه وهو أتم والكل شرع فمن الناس عبيد ومنهم أجراء ولأجل الإجارة نزلت الكتب الإلهية بها بين الأجير والمستأجر فلو كانوا عبيدا ما كتب الحق كتابا لهم على نفسه فإن العبد لا يوقت على سيده إنما هو عامل في ملكه ومتناول ما يحتاج إليه فأولئك لهم أجرهم والعبيد لهم نورهم وهو سيدهم فإنه نور السماوات والأرض قال تعالى أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم يعني الأجزاء وهم الذين اشترى الحق منهم أنفسهم ونورهم وهم العبيد والإماء جعلنا الله وإياكم من أعلاهم مقاما وأحبهم إليه أنه الولي المحسان واعلم أن ليلة القدر إذا صادفها الإنسان هي خير له فيما ينعم الله به عليه من ألف شهر إن لو لم تكن إلا واحدة في ألف شهر فكيف وهي في كل اثني عشر شهرا في كل سنة هذا معنى غريب لم يطرق أسماعكم إلا في هذا النص ثم يتضمن معنى آخر وهو أنها خير من ألف شهر من غير تحديد وإن كان الزائد على ألف شهر غير محدود فلا يدري حيث ينتهي فما جعلها الله أنها تقاوم ألف شهر بل جعلها خيرا من ذلك أي أفضل من ذلك من غير توقيت فإذا نالها العبد كان كمن عاش في عبادة ربه مخلصا أكثر من ألف شهر من غير توقيت كمن يتعدى العمر الطبيعي يقع في العمر المجهول وإن كان لا بد له من الموت ولكن لا يدري هل بعد تعدية العمر الطبيعي بنفس واحد وبآلاف من السنين فهكذا ليلة القدر إذا لم تكن محصورة كما قدمنا واعلم أن الشهر هنا بالاعتبار الحقيقي هو العبد الكامل إذا مشى القمر الذي جعله الله نورا فأعطاه اسما من أسمائه ليكون هو تعالى المراد لا جرم القمر فالقمر من حيث جرمه مظهر من مظاهر الحق في اسمه النور فيمشي في منازل عبده المحصورة في ثمانية وعشرين فإذا انتهى سمي شهرا على الحقيقة لأنه قد استوفى السير واستأنف سيرا آخر هكذا من طريق المعنى دائما أبدا فإن فعل الحق في الكائنات لا يتناهى فله الدوام بإبقاء الله تعالى كما إن العبد يمشي في منازل الأسماء الإلهية وهي تسعة وتسعون التاسع والتسعون منها الوسيلة وليست إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم والثمانية والتسعون لنا كالثمانية والعشرين من المنازل للقمر ويسميه بعض الناس الإنسان المفرد والعشرين خمس المائة لأنها في الأصل مائة اسم لكن الواحد أخفاه للوترية فإن الله وتر يحب الوتر فالذي أخفاه وتر والذي أظهره وتر أيضا وإنما قلنا منبهين على منازل القمر ثمانيا وعشرين منزلة لأنها قامت من ضرب أربعة في سبعة ونشأة الإنسان قامت من أربعة أخلاط مضروبة في سبع صفات من حياة وعلم وإرادة وقدرة وكلام وسمع وبصر فكان من ضرب المجموع بعضه في بعضه الإنسان ولم يكن له ظهور إلا بالله من اسمه النور لأن النور له إظهار الأشياء وهو الظاهر بنفسه فحكمه في الأشياء حكم ذاتي كذلك الشهر ما ظهر إلا بسير القمر من حيث كونه نورا في المنازل قال تعالى والقمر قدرناه منازل فإذا انتهى فيها سيره فهو الشهر المحقق وما عداه مما سمي شهرا فهو بحسب ما يصطلح عليه فلا منافرة ولله تعالى في كل منزلة من العبد ينزلها اسم النور حكم خاص قد ذكرناه في هذا

658

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 658
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست