responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 638


الحرج والمشقة في ذلك ولو كان حراما وما واصل بهم صلى الله عليه وسلم وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق وقال من يشاد هذا الدين يغلبه وخرج مسلم عن أنس بن مالك واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر شهر رمضان فواصل ناس من المسلمين فبلغه ذلك فقال لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم فمن لم يقدر أن يواصلها كلها فليواصل حتى السحر في كل يوم فتدخل الليلة في الصوم كل ليلة ويكون حد السحر لفطرها فحد الغروب للنهار في حق من لا يواصل في الصحيح أنه عليه السلام قال أيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر خرجه البخاري عن أبي سعيد ومما يؤيد قولنا إنه أراد الرحمة بالناس في ذلك ما خرجه مسلم أيضا عن عائشة قالت نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم قالوا إنك تواصل قال إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فكوشف صلى الله عليه وسلم بحال تلك الجماعة التي خاطبهم أنهم ليست لهم هذه الحال وأنه ما أراد بذلك أنه مختص به دون أمته فإنا قد وجدناه ذوقا من نفوسنا في وصالنا فبتنا في حال الوصال فأطعمنا ربنا وسقانا في مبيتنا ليلة وصالنا فأصبحنا أقوياء لا تشتهي طعاما ورائحة الطعام الذي أكلناه الذي أطعمناه ربنا يشم منا ويتعجبون الناس من حسن رائحته فسألونا من أين لك هذه الرائحة في هذا الذي طعمت فما رأينا مثلها فمنهم من أخبرته بالحال ومنهم من سكت عنه فلو كان هذا خصوصا برسول الله صلى الله عليه وسلم ما نلناه فصح لنا الوصال والفطر فجمع لنا بين الاجرين والفرحتين وحكمة الوصال أن الحق قال الصوم له وأمرنا بما هو له وجعله عبادة لا مثل لها فإذا فرق بالفطر بين اليومين فما واصل فإذا لم يفطر تحقق الوصال فيشير بذلك إلى إيصال صوم العبد بالصوم المضاف إلى الحق ليبين له أن للعبد ضربا من التنزيه بالصوم كما إن للحق من الصوم التنزيه فهو إشعار حسن للعارفين وكذا هو في نفس الأمر فإن العبد له تنزيه يخصه ولا سيما إذا كان عمله تنزيه الحق فإن عمله يعود عليه وهو التنزيه فإن تنزيه الحق ما هو بتنزيه المنزه بل هو تعالى منزه الذات لنفسه ما نحن نزهناه فلذلك يعود تنزيهنا علينا حين حرمه غيرنا فمن قدر على الوصال في هذه الستة الأيام فهو أحق وأولى فإن وجد أحد نقلا عن العرب في اللسان حذف الهاء في عدد المذكر حمل الحديث على تلك اللغة ولقد روينا أن الله حين أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم ومكروا مكرا كبارا لم يعرف هذا اللحن الحاضرون ولا عرفوا معناه فبينما هم كذلك إذا أتى أعرابي قد أقبل غريبا فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه وقال يا محمد إني رجل من كبار قومي بضم الكاف وتشديد الباء فعلم الحاضرون أن هذه اللفظة نزلت يلحن ذلك العربي وأصحابه فعلموا معناها فما يبعد أن يكون حذف الهاء جائزا في عدد المذكر في لغة بعض الأعراب ولو كان ذلك لم يقدح فيما ذهبنا إليه من الحقائق المشهودة لنا فيكون الشارع العالم يقصد الأمرين معا في هذه اللفظة في حق من هي لغته وفي حق من ليست له بلغة وجعلها ستا ولم يجعلها أكثر ولا أقل وبين أن ذلك صوم الدهر لقول الله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها على هذا أكثر العلماء بالله وهذا فيه حد مخصوص وهو أن يكون عدد رمضان ثلاثين يوما فإن نقص نزل عن هذه الدرجة وعندنا إنه يجبر بهذه الستة من صيام الدهر ما نقصه بالفطر في الأيام المحرم صومها وهي ستة أيام يوم الفطر ويوم النحر وثلاثة أيام التشريق ويوم السادس عشر من شعبان يجبر بهذه الستة الأيام ما نقص بأيام تحريم الصوم فيها والاعتبار الآخر وهو المعتمد عليه في صوم هذه الأيام من كونها ستة لا غير إن الله تعالى خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وكنا نحن المقصود بذلك الخلق فأظهر في هذه الستة الأيام من أجلنا ما أظهر من المخلوقات كما ورد في الخبر فكان سبحانه لنا في تلك الأيام فجعل لنا صوم هذه الستة الأيام في مقابلة تلك لأن نكون فيها متصفين بما هو له وهو الصوم كما اتصف هو بما هو لنا وهو الخلق ولهذا كان أحمد السبتي ابن أمير المؤمنين هارون الرشيد يصوم ستة أيام من كل جمعة ويشتغل بالعبادة فيها فإذا كان يوم السبت احترف فيما يأكله بقية الأسبوع وبهذا سمي السبتي فلقيته بالطواف يوم جمعة بعد الصلاة وأنا أطوف فلم أعرفه غير أني أنكرته وأنكرت حالته في الطواف فإني ما رأيته يزاحم ولا يزاحم ويخترق الرجلين ولا يفصل بينهما فقلت هذا روح تجسد بلا شك فمسكته وسلمت عليه فرد علي السلام وماشيته ووقع بيني وبينه كلام ومفاوضة فكان منها إني قلت لم خصصت يوم السبت بعمل الحرفة فقال لأن الله سبحانه ابتدأ

638

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 638
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست