responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 632


زيادة إلى طلوع الشمس كذلك الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث أي يثبت وهو الفجر الصادق وما بينهما هو السحر كما إن ما بين الوجهين اللذين يظهر أن في الشبهة هو العلم الصحيح يظهر بها أنها شبهة فيتميز بعلمك بها الحق من الباطل كما تميز بانتكاس الفجر الكذاب إلى الأرض والظلمة الظاهرة عند ذلك إن ذلك الفجر الأول لا يمنع من يريد الصوم من الأكل ولهذا سمته العرب ذنب السرحان لأنه ليس في السباع أخبث منه ولا أكثر محالا فإنه يظهر الضعف ليحقر فيغفل عنه فينال مقصوده من الافتراس فإن ذنبه يشبه ذنب الكلب فيتخيل من لا يعرفه أنه كلب فيأمن منه فهو شبيه المنافق فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت بأكلة السحور وقال أنها بركة أعطاكم الله إياها فأكد أمره بها بنهيه أن لا ندعها فكما صرح بالأمر بها صرح بالنهي عن تركها وأكد في وجوبها فأشبهت صلاة الوتر فإنها صلاة مأمور بها على طريق القربة المأمور بها فهي سنة مؤكدة وعند بعض علماء الشريعة واجبة وأكلة السحور أشد في التأكيد من الوتر في جنس الصلاة لما ورد في ذلك من التصريح بالنهي عن تركها وهو بمنزلة البحث عن الشبهة حتى يعرف بذلك الحق من الباطل فهذه هي البركة التي في أكلة السحور فإن البركة الزيادة فزادت على سائر الأكلات شمولها الأمر بها والنهي عن تركها وليس ذلك الحكم لغيرها من الأكلات ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم جعله فصلا بين منزلة أهل الكتاب ومنزلتنا فهي إما ممن اختصنا بها الحق على سائر الأمم من أهل الكتاب وإما ممن أمرنا بالمحافظة عليها حتى نتميز من أهل الكتاب حيث أنزلت عليهم كما أنزلت علينا ففرطوا في حقها كما فعلوا في أشياء كثيرة وكلا الوجهين سائغ وهذا يعم تعجيل الفطر وتأخير السحور فإن اعتبرنا أن أهل الكتاب هم القائمون بكتابهم علمنا إن الله اختصنا بفضل تعجيل الفطر وتأخير السحور عليهم وأنه ما أنزل ذلك عليهم فحرموا فضلها وإن اعتبرنا أن أهل الكتاب هم الذين أنزل عليهم كتاب من الله سواء عملوا به أو لم يعملوا تأكد عندنا إن الله إنما أكد في ذلك حتى تتميز عن أهل الكتاب إذ قد أمروا بذلك فأضاعوه بترك العمل فمن رأى أكلة السحور بضم الهمزة اكتفى باللقمة الواحدة ليقع الفرق بينه وبين أهل الكتاب وهو أقل ما يكون ومن فتح الهمزة أراد الغذاء ثم من التأكيد فيها محافظة النبي صلى الله عليه وسلم عليها وعلى تأخيرها ودعاؤه إليها فسنها قولا وفعلا فقال هلموا إلى الغذاء المبارك كما قال حي على الصلاة ثم إنه صلى الله عليه وسلم من تأكيده في ذلك وتغليبه للأكل على تركه مع التحقق ببيان المانع وهو الفجر الصادق إنك إذا سمعت النداء به إذا كان في البلد من يعلم أنه لا ينادي إلا عند الطلوع الذي به تصح الصلاة كابن أم مكتوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سمع المتسحر ذلك وجب عليه الترك فقيل له إن سمعته والإناء في يدك وأنت تشرب فلا تقطع شريك من الماء مع هذا التحقق حتى تقضي حاجتك منه كما قال حذيفة هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع فجعل الحكم لحال الوقت وهو الوجود فكان الدفع أهون من الرفع لأن المدفوع معدوم والذي تريد رفعه موجود حاكم بالفعل وهو أنك آكل أو شارب فالحكم له حتى يرتفع بنفسه كذلك الاسم الحاكم في الوقت على العبد إذا طلبه اسم آخر لا حكم له عليه كان الأولى بالعبد أن لا ينفصل من هذا الاسم الإلهي حتى لا يبقى له حكم عليه يطالبه به فإذا فرع من حكمه تلقى بالأدب ذلك الاسم الإلهي الذي يطلبه أيضا هكذا في الدنيا والآخرة كشخص حكم عليه اسم التواب عن فعل تقابلت فيه الأسماء الإلهية في حال الذنب فقال المنتقم أنا أولى به وقال الراحم والغفار أنا أولى به فتقابلت الأسماء في حال العاصي أي اسم إلهي يحكم عليه وفيه فوجدوا التواب فتقوى الاسم الراحم على المنتقم وقال هذا نائبي في المحل فإنه لولا ما رحمته ما تاب فدفع المنتقم عن طلبه وتسلمه الراحم وصار التواب يرجع به إلى ربه من طاعة إلى طاعة بعد ما كان يرجع به من معصية أو كفر إلى طاعة فهذا التائب ما ينعزل لأن التوبة قد لا تكون من ذنب بل يرجع إلى الله في كل حال في كل طاعة فإن وجد في المحل الاسم الخاذل وهو حكمه في العبد في حال وقوع المخالفة منه فحينئذ يكون تقابل الأسماء المتقابلة أعظم وأشد فإن هذا الفعل يستدعيهما وكان الخاذل بينه وبين هذه الأسماء مواظبة من حيث لا يشعر بما فعله كل واحد منهما فيقول الراحم إن الخاذل دعاني فهو يساعدني على المنتقم ويقول المنتقم إنه دعاني فساعدني على الراحم فإذا أقبلا لا يريا منه مساعدة لأحدهما فإن كان الخذلان كفرا جاء

632

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 632
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست