responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 586


لقصوره وعدم معرفته بما يستحقه الإله المعبود والحق عرف بهذه الحقيقة التي هي عليها عبادة فقبلتها العقول السليمة من حكم أفكارها عليها بصفة القبول التي هي عليه حين ردتها العقول التي هي بحكم أفكارها وهذه هي المعرفة التي طلب منا الشارع أن نعرف بها ربنا ونصفه بها لا المعرفة التي أثبتناه بها فإن تلك مما يستقل العقل بإدراكها وهي بالنسبة إلى هذه المعرفة نازلة فإنها ثبتت بحكم العقل وهذه ثبتت بالأخبار الإلهي وهو بكل وجه أعلم بنفسه منابه والكرم العطاء بعد السؤال حقا وخلقا والجود العطاء قبل السؤال حقا لا خلقا فإذا نسب إلى الخلق فمن حيث إنه ما طلب منه الحق هذا الأمر الذي عينه الخلق على التعيين وإنما طلب الحق منه أن يتطوع بصدقة وما عين فإذا عين العبد ثوبا أو درهما أو دينارا أو ما كان من غير أن يسأل في ذلك فهو الجود خلقا وإنما قلنا لا خلقا في ذلك لأنه لا يعطي على جهة القربة إلا بتعريف إلهي ولهذا قلنا حقا لا خلقا وإذا لم يعتبر الشرع في ذلك فالعطاء قبل السؤال لا على جهة القربة موجود في العالم بلا شك ولكن غرض الصوفي أن لا يتصرف إلا في أمر يكون قربة ولا بد فلا مندوحة له عن مراعاة حكم الشرع في ذلك والسخاء العطاء على قدر الحاجة من غير مزيد لمصلحة يراها المعطي إذ لو زاد على ذلك ربما كان فيها هلاك المعطي إياه قال تعالى ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء والإيثار إعطاء ما أنت محتاج إليه في الوقت أو توهم الحاجة إليه قال تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وكل ما ذكرناه من العطاء فإنه الصدقة في حق العبد لكونه مجبولا على الشح والبخل كما إن الآم في الأعطيات الإلهية من هذه الأقسام الثمانية إنما هو الوهب وهو الإعطاء لينعم لا لأمر آخر فهو الوهاب على الحقيقة في جميع أنواع عطائه كما هو العبد متصدق في جميع أعطياته لأنه غير مجرد على الغرض وطلب العوض لفقره الذاتي فما ينسب إلى الله بحكم العرض ينسب إلى المخلوق بالذات وما ينسب إلى الحق بالذات كالغنى ينسب إلى المخلوق بالعرض النسبي الإضافي خاصة قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم خذ من أموالهم صدقة أي ما يشتد عليهم في نفوسهم إعطاؤها ولهذا قال ثعلبة بن حاطب هذه أخية الجزية لما اشتد عليه ذلك بعد ما كان عاهد الله كما أخبرنا الله في قوله ومنهم من عاهد الله الآية فلما رزقه الله مالا وفرض الله الصدقة عليه قال ما أخبر الله به عنه وقوله بخلوا به هي صفة النفس التي جبلت عليه وهي إذا حكمت على العبد استبدله الله بغيره نسأل الله العافية وهكذا ورد وإن تتلوا عما سألتموه من الإنفاق وبخلتم يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم أي على صفتكم بل يعطون ما يسألون كما قال فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين فإن الملك أوسع من أن يضيق عن وجود شئ فالصدقة أصل كوني والوهب أصل إلهي ومما يؤيد ما ذكرناه أن الملائكة قالت من جبلتها حيث لم ترد الخير إلا لنفسها وغلب عليها الطبع في ذلك عن موافقة الحق فيما أراد أن يظهره في الكون من جعل آدم خليفة في الأرض فعرفهم بذلك فلم يوافقوه لحكم الطبع في الطمع في أعلى المراتب ثم تستر حكم الطبع لئلا تنسب إلى النقص من عدم موافقة الحق فأقام لهم صورة الغيرة على جناب الحق والإيثار لعظمته وذهلوا عن تعظيمه إذ لو وقفوا مع وما ينبغي له من العظمة لوافقوه ما وافقوه وإن كانوا فصدوا الخير فقالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك أي فنحن أولى من هذا فرجحوا نظرهم على علم الله في خلقه لذلك قال لهم إني أعلم ما لا تعلمون فوصفهم بنفي العلم الذي علم الحق من هذا الخليفة مما لم يعلموا وأثنوا على أنفسهم فمسألتهم جمعت ذلك حيث أثنوا على أنفسهم وعدلوها وجرحوا غيرهم وما ردوا العلم في ذلك إلى الله فهذا من بخل الطبع بالمرتبة وهذا يؤيد أن الملائكة كما ذهبنا إليه تحت حكم الطبيعة وأن لها أثرا فيهم قال تعالى ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون والخصام من حكمها وقد ورد اختصام ملائكة الرحمة وملائكة العذاب في الشخص الذي مات بين القريتين فوصفهم بالخصام ولولا أن مرتبتها دون النفس وفوق الهباء لسرى حكمها ومن أراد أن يقف على أصل هذا الشأن فلينظر إلى تضاد الأسماء الإلهية فمن هناك ظهرت هذه الحقيقة في الجميع فهم مشاركون لنا في حكم الطبيعة ومن حكمها البخل والشح فيمن تركب منها وهو من الاسم المانع في الأسماء وسببه فينا إن الفقر والحاجة ذاتي لنا ولكل ممكن ولهذا افتقرت الممكنات إلى المرجح لإمكانها فالمكون عن الطبيعة شحيح بخيل بالذات كريم بالعرض

586

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 586
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست