responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 563


تسمى له باسم كل شئ يفتقر إليه وما في الوجود شئ إلا ويفتقر إليه مفتقر ما من جميع الأشياء ولا يفتقر إليه شئ لوقوف هذا الفقير عند هذه الآية يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد فتحقق بهذه الآية فأوجب الله له الطهارة والزكاة حيث تأدب مع الله وعلم ما أراد الله بهذه الآية فإنها من أعظم آية وردت في القرآن للعلماء بالله الذين فهموا عن الله فلم يظهر عليه صفة غنى بالله ولا بغير الله فيفتقر إليه من ذلك الوجه فصح له مطلق الفقر فكان الله غناه بما هو من الأغنياء بالله فإن الغني بالله من افتقر إليه الخلق وزها عليهم بغناه بربه فذلك لا يجب له أن يأخذ هذه الزكاة فما قدم الحق الفقراء بالذكر وفوقهم من هو أشد حاجة منهم لا مسكين ولا غيره فإن الفقير هو الذي انكسر فقار ظهره فلا يقدر على أن يقيم ظهره وصلبه فلاحظ له في القيومية أبدا بل لا يزال مطأطئ الرأس لانكساره فافهم هذه الإشارة والمساكين المسكين من السكون وهو ضد الحركة والموت سكون فإذا تحرك الميت فبتحريك غيره إياه لا بنفسه فالمسكين من يدبره غيره فلهذا فرض الله له أن يعطي الزكاة ولا يقال فيه إنه آخذ لها وهو لا يتصف بالحاجة ولا بعدم الحاجة ولهذا قلنا في الفقير إنه ما فوقه من هو أشد حاجة منه فإن المسكين هو عين المسلم المفوض أمره إلى الله عن غير اختيار منه بل الكشف أعطاه ذلك ولهذا ألحقناه بالميت فالمسكين كالأرض التي جعلها الله لنا ذلولا فمن ذل ذلة ذاتية تحت عز كل عزيز كان من كان فذلك المسكين لتحققه إن العزة لله وأن عزته هي الظاهرة في كل عزيز وهذه معرفة نبوية يقول تعالى أما من استغنى فأنت له تصدى فعند المحققين ضمير له لله وإن كانت الآية جاءت عتبا ولكن في حق فهم العرب ونحن مع شهود رسول الله صلى الله عليه وسلم وذوقه ومرتبته فإن العارفين مناولهم هذا المقام حسنة من حسنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تبالي بذاك العزيز فنقول إنه ممن أشقاه الله بعزه فإن هذا المسكين ما ذل إلا للصفة وهذه الصفة لا تكون إلا لله عنده حقيقة لم تدنسها الاستعارة قط فهذا المسكين لم ير بعينه إلا الله إذ كان لا يرى العزة إلا عزته تعالى لا بعينه ولا بقلبه ونظر إلى ذلة كل ما سواه تعالى بالعين التي ينبغي أن ينظر إليهم بها فتخيل المخلوق الموصوف عند نفسه بالعزة أنه ذلك هذا المسكين لعزه وإنما كان ذلك للعز خاصة والعز ليس إلا لله فوفى المقام حقه فمثل هذا هو المسكين الذي يتعين له إعطاء الصدقة والعاملين عليها العامل المرشد إلى معرفة هذه المعاني والمبين لحقائقها والمعلم والأستاذ والدال عليها وهو الجامع لها بعلمه من كل من تجب عليه فله منها على قدر عمالته وليس الأمر في حقه منها إلا كما قدمناه والأولى بالمرشد أن يقول ما قالت الرسل إن أجري إلا على الله فقد يكون هذا القدر الذي لهم من الزكاة الإلهية فلهم أخذ زكاة الاعتبار لا زكاة المال فإن الصدقة الظاهرة على الأنبياء حرام لأنهم عبيد والعبد لا يأخذ الصدقة من حيث ما تنسب إلى الخلق فاعلم ذلك والمؤلفة قلوبهم فهم الذين تألفهم الإحسان على حب المحسن لأن القلوب تتقلب فتألفها هو أن تتقلب في جميع الأمور كما تعطي حقائقها ولكن لعين واحدة وهي عين الله فهذا تألفها عليه لا تملكها عيون متفرقة لتفرق الأمور التي تتقلب فيها فإن الجداول إذا كانت ترجع إلى عين واحدة فينبغي مراعاة تلك العين والتألف بها فإنه إن أخذته الغفلة عنها ومسكت تلك العين ماءها لم تنفعه الجداول بل يبست وذهب عينها وإذا راعى العين وتألف بها تبحرت جداولها واتسعت مذانبها وفي الرقاب فهم الذين يطلبون الحرية من رق كل ما سوى الله فإن الأسباب قد استرقت رقاب العالم حتى لا يعرفوا سواها وأعلاهم في الرق الذين استرقتهم الأسماء الإلهية وليس أعلى من هذا الاستراق إلا استرقاق أحدية السبب الأول من كونه سببا لا من حيث ذاته ومع هذا فينبغي لهم أن لا تسترقهم الأسماء لغلبة نظرهم إلى أحدية الذات من كونه ذاتا لا من كونها إلها ففي مثل هذه الرقاب تخرج الزكاة والغارمين هم الذين أقرضوا الله قرضا حسنا عن أمره وهو قوله عز وجل آمرا وأقرضوا الله قرضا حسنا عطف على أمرين واجبين وهما قوله وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وثلث بقوله وأقرضوا الله قرضا حسنا فالقرض ثالث ثلاثة ولكن ما عين ما تقرضه كما لم يعين ما تزكيه كما لم يعين صلاة بعينها فعمت كل صلاة أمرنا بإقامتها وكل زكاة وكل قرض إلا أنه نعت قرضا بقوله حسنا مع تأكيد بالمصدر وسبب ذلك أن الصلاة والزكاة العبد فيهما عبد اضطرار وفي القرض عبد اختيار فمن الناس من أقرض الله قرض اختيار وهو الذي لم يبلغه الأمر به وبلغه إن تقرضوا الله أو قوله من ذا

563

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 563
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست