responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 499


علم به فما من زمان نقدره إلا ويجوز تغيير ما وضع فيه من الأمور فإن لم يكن فبإرادة الواضع لا بنفسه وما كان بهذه المثابة لا يكون القائل بوقوعه على علم قطعي ولو وقع فإنه لا يعرف ما في نفس الواضع إلا بجهتين إما أن يكون هو المعرف بما في نفسه وهو الصادق وأما بعد ظهور الشئ فيعلم أنه لولا ما كان في نفس الواضع ما وقع والواضع هو الله تعالى وجل فالعالم المؤمن يقول في مثل هذا إن أبقى الله الترتيب على حاله وسيره في المنازل على قدره ولم يخرق العادة فيه فلا بد أن يقع هذا الأمر الذي ذكرناه فلهذا ينفي العلم عن المنجم وكل ما هو مثله من حظ الرسل وغيره فضوء القمر لما كان مستفادا من الشمس أشبه النفس في الأخذ عن الله نور الايمان والكشف وإذا كملت النفس وصح لها التجلي على التقابل وهي ليلة البدر ربما التفتت إلى طبيعتها فظهرت فيها ظلمة طبيعتها فحالت تلك الظلمة بينها وبين نورها العقلي الإيماني الإلهي كما حال ظل الأرض بين القمر الذي هو بمنزلة النفس وبين نور الشمس فعلى قدر ما نظرت إلى طبيعتها انحجبت عن نور الايمان الإلهي فذلك كسوفها فهذا كسوف القمر وأما كسوف الشمس فهو كسوف العقل فإن الله خلقه ليعقل عن الله ما يأخذ عنه فحالت النفس التي هي بمنزلة القمر بينه وبين الحق تعالى من حيث ما يأخذ عنه من اسمه النور سبحانه من كون نسبته إلى الأرض من قوله وهو الله في السماوات وفي الأرض وقوله وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله فيريد العقل أن يأخذ عن الحق من علم ما يوجده في الأرض فتحول النفس بينه وبين علم ما يوجده في الأرض بشهواتها حتى لا ينظر إليه سبحانه فيما يحدثه فيها والأرض عبارة عن عالم الجسم فيحجب العقل لحجاب النفس الحيوانية الشهوانية فذلك بمنزلة كسوف الشمس فلا تدركها أبصار الناظرين ممن هو في تلك الموازنة ويفوت العقل من العلم بالله بقدر ما انحجب عنه من عالم الأجسام فلهذا شرع الله التوجه إلى مناجاته المعبر عن ذلك بصلاة الكسوف وشرع الدعاء لرفع ذلك الحجاب فإن الحجاب جهل وبعد في الحال الذي ينبغي له الكمال ولهذا لم يكن الكسوف إلا عند الكمال في النيرين في القمر ليلة بدره وهو كماله في الأخذ من الوجه الذي يلينا وكسوف الشمس في ثمانية وعشرين يوما من سير القمر في جميع منازل الفلك فلما وصل إلى نهايته وأراد أن يقابل الشمس من الوجه الآخر حتى يأخذ عنها على الكمال في عالم الأرواح مثل أخذه في الرابع عشر في عالم الأجسام النازل ليفيض من نوره على أبصار الناظرين إنعاما منه فاشتغلت الشمس بإعطائها النور للقمر في عالم الأرواح العالم العلوي إسعافا لطلبته وإكراما لقدومه عليها في حضرتها كان الكسوف لهذا الإسعاف ولهذا لا يكون للكسوفات حكم في الأرض إلا في الأماكن التي يظهر فيها الكسوف وأما الأماكن التي لا يظهر فيها الكسوف فلا حكم يظهر فيها له ولا أثر أي ما يفعل الله عند ذلك شيئا في العالم من الكوائن التي يفعلها عند ظهور الكسوف إذ لا فاعل إلا الله فإن الأمور بتقدير العزيز العليم صنعة حكيم حتى إن الشمس إذا أعطى الحساب أنها تكسف ليلا لم يكن لذلك الكسوف حكم في ظاهر الأرض التي لم يظهر الكسوف فيها وكذلك كسوف القمر في الحكم فكذلك ظاهر الإنسان وباطنه فقد يقع الكسوف في الأعمال أي في العلم الذي يطلب العمل بالأحكام المشروعة وقد يقع في العلوم التي تتعلق بالباطن ولا حكم لها في الظاهر فتؤثر في موضع تعلقها إما في علم العمل وإما في العلم الذي لا يطلب العمل بحسب ما يقع فيتعين على من تكون حالته مثل هذه أن يتضرع إلى الله فإن أخطأ المجتهد فهو بمنزلة الكسوف الذي يكون في غيبة المكسوف فلا وزر عليه وهو مأجور وإن ظهر له النص وتركه لرأيه أو لقياسه الجلي في زعمه فلا عذر له عند الله وهو مأثوم وهو الكسوف الظاهر الذي يكون له الأثر المقرر عند علماء الأحكام بسير الكواكب وأكثر ما يكون هذا في الفقهاء المقلدين الذين قالوا لهم لا تقلدونا واتبعوا الحديث إذا وصل إليكم المعارض لما حكمنا به فإن الحديث مذهبنا وإن كنا لا نحكم بشئ إلا بدليل يظهر لنا في نظرنا إنه دليل وما يلزمنا غير ذلك لكن ما يلزمكم اتباعنا ولكن يلزمكم سؤالنا وفي كل وقت في النازلة الواحدة قد يتغير الحكم عند المجتهد ولهذا كان يقول ما لك إذا سئل في نازلة هل وقعت فإن قيل لا يقول لا أفتى وإن قيل نعم أفتى في ذلك الوقت بما أعطاه دليله فأبت المقلدة من الفقهاء في زماننا أن توفي حقيقة تقليدها لإمامها باتباعها الحديث الذي أمرها به إمامها وقلدته في الحكم مع وجود المعارض فعصت الله في قوله وما آتاكم الرسول فخذوه وعصت الرسول

499

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 499
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست