نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 422
فإذا قالها يقول الله يذكرني عبدي فينبغي على هذا أن يكون العامل في بسم الله الرحمن الرحيم أذكر فتتعلق الباء بهذا الفعل إن صح هذا الخبر وإن لم يصح فيكون الفعل اقرأ بسم الله فإنه ظاهر في اقرأ باسم ربك هذا يتكلفه لقولهم إن المصادر لا تعمل عمل الأفعال إلا إذا تقدمت وأما إذا تأخرت فتضعف عن العمل وهذا عندنا غير مرضي في التعليل لأنه تحكم من النحوي فإن العرب لا تعقل ولا تعلل فيكون تعلق البسملة عندي بقوله الحمد لله بأسمائه فإن الله لا يحمد إلا بأسمائه غير ذلك لا يكون ولا ينبغي أن نتكلف في القرآن محذوفا إلا لضرورة وما هنا ضرورة فإن صح قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى إن العبد إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم في مناجاته في الصلاة يقول الله يذكرني عبدي فلا نزاع هكذا روى هذا الخبر عبد الله بن زياد بن سمعان عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاث غير تمام فقيل لأبي هريرة إنا نكون وراء الإمام فقال اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل يقول عبدي إذا افتتح الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فيذكرني عبدي يقول العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي وسيأتي الحديث مفصلا في كل كلمة إن شاء الله تعالى كما ذكرت ألفاظ التوجيه إلى آخر الفاتحة وذكره سلم هذا الحديث من حديث سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة ولم يذكر البسملة فيه فإذا قال العالم بالله بسم الله الرحمن الرحيم علق الباء بما في الحمد من معنى الفعل كما قلنا يقول لا يثني على الله إلا بأسمائه الحسنى فذكر من ذلك ثلاثة أسماء الاسم الله لكونه جامعا غير مشتق فينعت ولا ينعت به فإنه للأسماء كالذات للصفات فذكره أولا من حيث إنه دليل على الذات كالأسماء الأعلام كلها في اللسان وإن لم يقو قوة الإعلام لأنه وصف للمرتبة كاسم السلطان فلما لم يدل إلا على الذات المجردة على الإطلاق من حيث ما هي لنفسها من غير نسب لم يتوهم في هذا الاسم اشتقاق ولهذا سميت بالبسملة وهو الاسم مع الله أي قولك بسم الله خاصة مثل العبدلة وهو قولك عبد الله وكذلك الحوقلة وهو الحول والقوة مع الله ثم قال إن العبد قال بعد بسم الله الرحمن الرحيم من الأسماء المركبة كمثل بعلبك ورام هرمز فسماه به من حيث ما هو اسم له لا من حيث المرحومين ولا من حيث تعلق الرحمة بهم بل من حيث ما هي صفة له جل جلاله فإنه ليس لغير الله ذكر في البسملة أصلا ومهما ورد اسم إلهي لا يتقدمه كون يطلب الاسم ولا يتأخر كون يطلبه الاسم في الآية فإن ذلك الاسم ينظر فيه العارف من حيث دلالته على الذات المسماة به لا من حيث الصفة المعقولة منه ولا من حيث الاشتقاق الذي يطلبه الكون بخلاف الاسم الإلهي إذا ورد في أثر كون أو في أثره كون أو بين كونين فإنه إذا ورد الكون في أثره فذلك الكون نتيجته وبه يتعلق وإياه يطلب فإنه صادر عنه إذا تدبرته وجدته مثل قوله الرحمن علم القرآن خلق الإنسان وإذا تقدم الكون وجاء الاسم الإلهي في أثره فإنه الأول والآخر كان على العكس من الأول مثل اتقوا الله وقوله ويعلمكم الله فأظهر التقوى ما يتقى منه وهو الاسم الله وفي الأول أظهر الاسم الإلهي عين الإنسان وكذلك ويعلمكم الله أظهر التعليم الاسم الإلهي وهو الله فإذا وقع الكون بين اسمين إلهيين كان الكون للأول بحكم النتيجة وللآخر بحكم المقدمة مثل وقوع العالمين بين الاسم الرب والرحمن في قوله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ومثل قوله واتقوا الله ويعلمكم الله فوقع ويعلمكم بين اسمين تقدمه الاسم الله وتأخر عنه الاسم الله بمعنيين مختلفين فأثر فيه الاسم الأول طلب التعليم وقبل التعليم بالاسم الثاني وكذلك إذا وقع الاسم الإلهي بين اسم إلهي يتقدمه وبين كون يتأخر عنه مثل الاسم الرب بين الله والعالمين في قوله الحمد لله رب العالمين في آخر الزمر أو بين كون يتقدمه واسم إلهي يتأخر عنه مثل قوله العالمين الرحمن الرحيم ملك فالرحمن الرحيم تقدمه كلمة العالمين وتأخر عنه ملك يوم الدين فأظهر عين العالمين الرحمن الرحيم لافتقارهم إلى الرحمتين الرحمة العامة والخاصة والواجبة والامتنانية وطلب الرحمن الرحيم ملك يوم الدين ليظهر من كونه ملكا سلطان الرحمن الرحيم فإن الرحمة من جانب الملك هي رحمة عزة وامتنان مع استغناء بخلاف رحمة غير الملك كرحمة الأم بولدها للشفقة الطبيعية فتدفع الأم بالرحمة على ولدها ما تجده من الألم بسببه في نفسها فنفسها رحمته ولنفسها سعت
422
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي جلد : 1 صفحه : 422