responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 405


هل فرضه الإصابة أو الاجتهاد أعني إصابة العين أو الجهة عند من أوجب العين فمن قائل إن الفرض هو العين ومن قائل إن الفرض هو الجهة وبالجهة أقول لا بالعين فإن في ذلك حرجا والله يقول وما جعل عليكم في الدين من حرج وأعني بالجهة إذا غابت الكعبة عن الأبصار والصف الطويل قد صحت صلاتهم مع القطع بأن الكل منهم ما استقبلوا العين هذا معقول الاعتبار التحديد في القبلة إخراج العبد عن اختياره فإن أصله وأصل كل ما سوى الله الاضطرار والإجبار حتى اختيار العبد هو مجبور في اختياره ومع أن الله فاعل مختار فإن ذلك من أجل قوله ويختار وقوله ولو شئنا ولا يفعل إلا ما سبق به علمه وتبدل العلم محال يقول تعالى ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد وقال فلله الحجة البالغة وما رأيت أحدا تفطن لهذا القول الإلهي فإن معناه في غاية البيان ولشدة وضوحه خفي وقد نبهنا عليه في هذا الكتاب وبيناه فإنه سر القدر من وقف على هذه المسألة لم يعترض على الله في كل ما يقضيه ويجريه على عباده وفيهم ومنهم ولهذا قال لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فلو كنت عاقلا تفهم عن الله كفتك هذه الآية في المقصود ثم نرجع إلى اعتبار ما كنا بصدده فنقول إن الصلاة دخول على الحق وجاء في الخبر الصحيح أن الصلاة نور والإنسان ذو بصر في باطنه كما هو في ظاهره فلا بد له من الكشف في صلاته فمن جملة ما يكشفه في صلاته كونه مجبورا في اختياره الذي ينسبه إليه فشرع له في هذا الموطن وفي العبادات كلها التحديد في الأشياء حتى يكون في تصرفاته بحكم الاضطرار وهو أصل يشمل كل موجود ولا أحاشي موجودا من موجود لمن كان ذا بصر حديد وألقى السمع وهو شهيد حتى في حكم المباح هو فيه غير مختار لأنه من المحال أن يحكم عليه بحكم غير الإباحة من وجوب أو ندب أو حظرا وكراهة فلهذا شرع له استقبال البيت إذا أبصره حين صلاته واستقبال جهته إذا غاب عنه وفرضه في اجتهاده بالغيبة إصابة الاجتهاد لا إصابة العين وذلك لو كان فرضه إصابة العين فإن العبد مأمور بأن يستقبل ربه بقلبه في صلاته بل في جميع حركاته وسكناته لا يرى إلا الله وقد علمنا إن ذات الحق وعينه يستحيل على المخلوق معرفتها فمن المحال استقبال عين ذاته بقلبه أي من المحال أن يعلم العاقل ربه من حيث عينه وإنما يعلمه من حيث جهة الممكن في افتقاره إليه وتميزه عنه بأنه لا يتصف بصفات المحدثات على الوجه الذي يتصف به المحدث الممكن لأنه ليس كمثله شئ فلا يعرفه إلا بالسلوب وهذا سبب قولنا بالجهة لا بالعين والإصابة إصابة الاجتهاد لا إصابة العين ولهذا كان المجتهد مأجورا على كل حال ولا سيما والاجتهاد في مذهبنا في الأصول كما هو في فروع الأحكام لا فرق وأما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المجتهد إنه مصيب ومخطئ فمعناه عندنا في هذه المسألة وأمثالها أن المجتهد في الإصابة ما هي إصابة العين أو إصابة الجهة أن المصيب من قال إصابة الجهة والمخطئ من قال إصابة العين فإن إصابة الجهة في غير الغيم المتراكم ليلا أو نهارا في البراري لا يقع إلا بحكم الاتفاق فأحرى إصابة العين لا بحكم العلم وما تعبدنا الله بالإرصاد ولا بالهندسة المنبئة على الإرصاد المستنبط منها أطوال البلاد وعروضها فإنا بكل وجه إذا أخذنا نفوسنا بها على غير يقين فتبين إن الفرض على المكلف الاجتهاد لا الإصابة فلا إعادة على من صلى ولم يصب الجهة إذا تبين له ذلك بعد ما صلى كذلك الاعتبار في الباطن إذا وفى الناظر النظر حقه أصاب العجز عن الإدراك فاعتقده وما ثم إلا العجز فالحق عند اعتقاد كل معتقد بعد اجتهاده يقول تعالى ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فافهم كما هو عند ظن عبده به إلا أن المراتب تتفاضل والله أوسع وأجل وأعظم أن ينحصر في صفة تضبطه فيكون عند واحد من عباده ولا يكون عند الآخر يأبى الاتساع الإلهي ذلك فإن الله يقول وهو معكم أينما كنتم وأينما تولوا فثم وجه الله ووجه كل شئ حقيقته وذاته فإنه سبحانه لو كان عند واحد أو مع واحد ولا يكون عند آخر ولا معه كان الذي ليس هو عنده ولا معه يعبد وهمه لا ربه والله يقول وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه أي حكم ومن أجله عبدت الآلهة فلم يكن المقصود بعبادة كل عابد إلا الله فما عبد شئ لعينه إلا الله وإنما أخطأ المشرك حيث نصب لنفسه عبادة بطريق خاص لم يشرع له من جانب الحق فشقي لذلك فإنهم قالوا في الشركاء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله فاعترفوا به وما يتصور في العالم من أدنى من له مسكة من عقل التعطيل على الإطلاق وإنما معتقدو التعطيل إنما هو يعطل صفة ما اعتقدها المثبت فمن استقبل عين البيت إن كان يبصره أو الجهة إن غاب عنه بوجهه واستقبل ربه في قبلته كما شرع له في قلبه وحسه في

405

نام کتاب : الفتوحات المكية نویسنده : إبن عربي    جلد : 1  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست